وإنما بني لأنّه أشبه المضمر من ثلاث جهات:
أحدها: أنّه مخاطب، والمخاطب لا يكون إلا مضمراً " كافًا " أو " تاء ".
والثانية: أنّه معرفة كما أنّ المضمر لا يكون إلا معرفة.
والثالثة: أنّه مفرد أي غير مضاف، كما أنّ المضمر لا يضاف.
فمتى سقطت واحدة من هذه الخصال أعرب المنادى.
و (ها): عوض من قطع الإضافة عن (أي)؛ لأنها لا تكون أبداً في غير هذا المرضع إلا مضافة لفظاً أو معنى، لأنَّها تدل على بعض الشيء، وبعض الشيء مضاف إلى جميعه.
واشتقاقها من (أُوي)، ففعلوا بها ما فعلوا ب (طيّ) و (ليّ)، وأصلها (طويٌ) و (لويٌ)، وكذا الأصل فى (أي) (أوي). والاشتقاق في الأسماء المبهمة عزيز لا يكاد يوجد منه إلا حروف يسيرة لإيغالها في شبه الحرف، والحرف غير مشتق نحو: من وإلى وهل وما أشبه ذلك.
و (الناس) نعت لـ (أيّ) لا يستغني عنه؛ لأنّه المنادى في المعنى، وإنما جاءوا ب (أيّ) ليتوصلوا بها إلى نداء ما فيه الألف واللام، وكان أبو الحسن الأخفش يقول في (الناس) وما يجري مجراه: هو صلة لـ (أي).
وأجمع النحويون على الرفع في (الناس) إلا المازني، فإنه أجاز النصب وشبهه بقولك: يا زيدُ الظريفَ، حمله على (أيّ)، وهذا غير مرض منه؛ لأنَّ (الظريف) نعت يُستغنى عنه. وليس كذلك (الناس).
و (الألف واللام) في (الناس) للعهد، وقيل للجنس، وتُأول على قول سيبويه: أنهما بدل من الهمزة؛ لأنَّ الأصل (أناس) فحذفت الهمزة، وجعلت " الألف واللام " عوضا منها، وقال الفراء: الأصل (الأناس) فألقيت حركة الهمزة على " اللام " وحذفت، فصار (الناس) فاجتمع المتقاربان فأسكِن الأول وأدغِم في الثاني، وقال الكسائي: يقال يا ناس وأناس، فالألف واللام دخلتا على " ناس ".