وقال قتادة: هو بمعنى أمام، ومثله: (مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ)، وهو محتمل، لأنّه من المواراة، قال الشاعر:

أَتَرْجُو بَنُو مَرَوانَ سَمْعي وَطَاعَتي ... وَقَومي تميمٌ والفلاةُ وَرَائيا

أي أمامي.

* * *

قوله تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي)

قال أصحاب المعاني المعنى: قل لو كان البحر مداداً لكتابة معاني كلمات ربي لنفد البحر قبل أنّ تنفد كتابة معاني كلمات ربي، فحذف لأنَّ المعنى مفهوم. والنفاد: الفراغ.

ومما يسأل عنه أن يقال: الكلمات لأقل العدد، وأقل العدد العشرة فما دونها، فكيف جاء هاهنا أقل العدد؟

والجواب: أنّ العرب تستغني بالجمع القليل عن الكثير، وبالكثير عن القليل، قال الله تعالى: (وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ)، وغرف الجنة أكثر من أن تحصى، وقال: (هُمْ دَرَجَاتٌ)، وقال حسان:

لَنَا الجَفَنَاتُ الغُرُّ يَلْمَعْنَّ بالضُّحَى ... وَأسيافُنا يَقْطُرْنَ من نَجْدةٍ دَمَا

وكان أبو علي الفارسي ينكر الحكاية التي تروى عن النابغة، وأنه قال له: قلَّلت جفناتكم وأسيافكم. فقال: لا يمح هذا عن النابغة.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015