وعن هذا جوابان:

أحدهما: أنّ التقدير: ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنة، على المستعمل، إلا أنّه وضع الجميع موضع الواحد على الأصل، لأنّ الأصل أن تكون الإضافة إلى الجميع. كما قال الشاعر:

ثلاثُ مئين قد مضَينَ كوامِلًا ... وها أنا ذا أرتَجي مَرّ أربَعِ.

فجاء به على الأصل.

والثاني: أنّ العرب تستغني عن الواحد بالجمع. وعن الجمع بالواحد، فمما استغني فيه عن الواحد بالجمع قولهم: قدر أعشار، وثوب أخلاق، ومما استغنوا فيه بالواحد عن الجمع قوله:

بها جِيَفٌ الحَسْرى فأمَّا عِظامُها ... فَبيضٌ وأَمَّا جِلْدُها فَصَلِيبُ

وقال آخر:

كُلُوا في نصْف بَطنكُم تَعيشُوا ... فَإنَّ زمانَكُم زَمنٌ خَمِيصُ.

وقال الله تعالى في الاستغناء بالجمع عن الواحد: (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ) الخطاب: للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال للكفار: (فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ)، يدل على ذلك قوله: (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، ومما جاء من قوله تعالى على الاستغناء بالواحد عن الجمع قوله تعالى: (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا)، وهو كثير.

وهذا كله على قراءة حمزة والكسائي، فأما الباقون فإنهم نونوا (ثَلَاثَمِائَةٌ).

وفي نصب (سنين) قولان:

أحدهما: أنّه بدل من ثلاثمائة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015