قوله تعالى: (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا)

الإيتاء: الإعطاء.

وقرأ نافع وعاصم من طريق أبي بكر (جَعَلَا لَهُ شُرْكًا)، وقرأ الباقون (شُرَكَاءَ)، وأنكر بعضهم القراءة الأولى، وقال لو كان (شُرْكًا) لقال: جعلا لغيره شُرْكًا؛ لأنّه بمعنى " النصيب ".

والجواب عن هذا أنّ الزجاج قال المعنى: ذا شرك، كما قال (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ). وقيل: هو على التفحيش، أي: كان له شركاً. والشرك: مصدر، والشركاء: جمع شريك، ككريم وكرماء.

ويُسأل: إلى من يرجع الضمير في (جعلا)؟

وفيه ثلاثة أجوبة:

أحدها: أنّه يرجع إلى النفس وزوجها من ولد آدم لا إلى آدم وحواء، وهو قول الحسن وقتادة.

والثاني: أنّه يرجع إلى الولد الصالح، بمعنى المعافاة في بدنه، فذلك صلاح في خلقه لا في دينه، وثنى لأنّ حواء كانت تلد في كل بطن ذكراً وأنثى.

والثالث: أنّه يرجع إلى آدم: حواء، فإنهما جعلا له شريكا في التسمية، وذلك أنهما أقاما زمانا لا يولد لهما، فمر بهما الشيطان، ولم يعرفاه، فشكوا إليه، فقال لهما: إن أصلحت حالكما حتى يولد لكما أتسماينه باسمي؟ - فقالا: نعم، وما اسمك؟ قال: الحارث، فولد لهما، فسمياه (عبد الحارث). وهذا القول بعيد ولا يجوز مثل هذا على نبيٍّ من أنبياء الله تعالى، والقول الأول أوضح الأقاويل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015