الخلق: التقدير، والتصوير: جعل الشيء على صورة من الصور. والصورة: بنيةَ على هينةٍ ظاهرة.
ومما يسأل عنه أن يقال: كيف جاء (ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا)، والقول كان قبل خلقنا وتصويرنا؟
وعن هذا ثلاثة أجوبة:
الأول: أنّ المعنى خلقنا آبائكم، ثم صورنا آبائكم. وهذا يروى عن الحسن من كلام العرب: نحن فعلنا بكم كذا وكذا، وهم يعنون أسلافهم، وفي التنزيل: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) أي ميثاق أسلافكم الذين كانوا على زمن موسى عليه السلام.
والثاني: أنّ المعنى خلقنا آدم ثم صورناكم في ظهره، وهو قول مجاهد.
والثالث: أنّ الترتيب وقع في الإخبار. كأنّه قال ثم إنا نخبركم أنا قلنا للملائكة، كما تقول: أنا راجل ثم أنا مسرع، وهذا قول جماعة من النحويين منهم: علي بن عيسى والسيرافي وغيرهما، وقال الأخفش: (ثم) هاهنا بمعنى (الواو)، وأنكره الزجاج. وقال الشاعر:
ْسألتُ ربيعَةَ مِن خَيْرِهَا ... أُباً ثُمَّ أُمًّا فَقالت لَمهْ
أي ليجيب أولا عن الأب ثم الأم.