يُسأل عن دخول (اللام) فى قوله (لِيُبَيِّنَ لَكُمْ)؟
وفيها ثلاثة أجوبة:
أحدها: أنّ معناها (أنّ) و (أنْ) تأتي مع (أردت: أمرت)؛ لأنَّها تطلب الاستقبال (لذا) استوثقوا لها باللام، وربما جمعوا بين (اللام) و (كي) لتأكيد الاستقبال، قال الشاعر:
أَردتَ لِكَيْما لَا تَرَى لِيَ عَثْرَةً، ... ومَنْ ذَا الَّذِي يُعْطَى الكَمال فيَكْمُلُ
ولا يجوز أنّ تقع (اللام) بمعنى (أنْ) مع الظن؛ لأنَّ الظن يصلح معه الماضي والمستقبل، نحو: ظننت أنّ قمت، وطننت أنّ تقوم، وهذا قول الكسائي والفراء، وأنكره الزجاج، وأنشد:
أَرَدْتُ لِكَيْما يَعْلَم الناسُ أَنها ... سَراوِيلُ قَيْسٍ والوُفُودُ شهودُ
قال: ولو كانت (اللام) بمعنى (أنْ) لم تدخل على (كي) كما لا تدخل (أنْ) على (كي)، قال: ومذهب سيبويه وأصحابه أنّ (اللام) دخلت هاهنا على تقدير المصدر، أي: الإرادة للبيان. نحو قوله تعالى: (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) و (رَدِفَ لَكُمْ)، وقال كثير:
أُريدُ لأَنسَى ذِكرَها فكأَنّما ... تَمثَّلُ لِي لَيْلى بكلِّ سبيلِ
أي: إرادتي لهذا، وهذا الجواب الثاني.
والجواب الثالث: أنّ بعض النحويين ضعف هذين الوجهين بأن جعل اللام بمعنى (أنْ) لم يقم به حجةٌ قاطعة، وحمله على المصدر يقتضي جواز: ضربت لزيد، بمعنى: ضربت زيداً، وهذا لا يجوز، ولكن يجوز في التقديم والتأخير، نحو: لزيدٍ ضربت. وللرؤيا تعبرون؛ لأنّ عمل الفعل فى التقديم يضعف كعمل المصدر فى التأخير، ولذلك لم يجز إلا فى المتصرف، فأما (رَدِفَ لَكُمْ) فعلى تأويل: ردف ما ردف لكم، وعلى ذلك: يريد ما يريد لكم.