عن كنهها منذ عصور، ولا سيما في علم التكوين والتخريب (القيامة) الذي دل الآن بنظريات
الإخصائيين من علماء الفلك ومباحثهم ومشاهداتهم في طور التقدم والارتقاء وإنك لا تكاد تقلب من المصحف الشريف بضع صفحات حتى تجد آية في أسرار الكائنات وأحوال السماء منظومة في نسَقها بمناسبة من أبدع المناسبات.
قال: " وقد فهموا من علم الهيئة السماوية عَظمة الله تعالى بعظمة الأجرام التي كانوا يحسبونها نقطاً صغيرة منثورة في السماء.
خذ لذلك مثلاً: إدراك عظمة الشمس وكوكب الشعرَى
بالنسبة إلى الأرض، فإن هذه الأرض إذا نحن فرضناها فرضاً بحجم الحمصَةِ، تكون مساحة الشمس بالنسبة إليها كمساحة مائدة مستديرة طول قطرها ذراع فرنسية، ومساحة سطح كوكب الشعرى الذي
قال الله فيه (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (49) .
تبلغ مائة ذراع فرنسية بالقياس إلى تلك الحمصة.
" ومما أفدناه من تلك المباحث أن عالمنا الناسوتي الذي نسميه
(العالم الشمسي) -
وتؤلفه طائفة مستقلة من الأجرام السماوية تعد بالمئات أهمها شمسنا المنيرة وأرضُنا وأخَواتها من السيارات وما يتبعهن من النجوم ذوات الأذناب - يدور بسرعة عشرين ألف ذراع فرنسية في الثانية
الواحدة، مجتازاً فضاء الله الذي لا نهاية له، كما أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا) وأن المجرَّةَ العظمى المحيطة بالسماء تحتوي مئات الألوف من العوالم الأخرى. . . إلى أن قال
" إن القرآن الكريم آيات بينات عن تكوين العالم، وكيف كان هذا
التكوين، وعن الأطوار التي تنقل فيها، وعن خلقة الموجودات، وأسباب الحياة، وعن آخرة كرتنا الأرضية وعاقبتها التي ستصير إليها في النهاية، ولقد كانت معاني هذه الآيات الشريفة منظوراً إليها
فيما مضى من جهة العقائد حَسبَ، ولم يكن أحد يستطيع أن يذهب في تأويلها مذهباً يصدر فيه عن علم، ولكن هذه الحالة قد تغيرت الآن، لأن الحكماء الذين نبغوا في العصرين الأخيرين قد
أبانوا بمباحثهم العلمية وما كشفوه من الغوامض الدقيقة عن قدرة الله بأجلى بيان، حتى أصبحت نظريات علم التكوين صالحة لتفسير آيات الله سبحانه وتعالى تفسسيراً بديعاً، مع أنها هي في
حالتها الراهنة لم تبلغ بعدُ حدَّ الكمال ".
وبعد أن وصف همم علماء الفلك والرياضة، ووسائلهم ومعرفتهم المسائل الدقيقة، عن الكواكب والشموس والعوالم، وعن حقيقة هذه الكرة التي نعيش عليها، وما أفاده المجتمع البشري