وروى أهل الأثر حديثاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قوله: " أنزلَ القرآنُ على سبعة أحرف، لكل
منها ظَهرٌ وبَطن، ولكل حرف حَد، ولكل حد مطلَع " ثم اختلفوا في تأويله وفي تفسير هذا الأحرف ولكن الأكثرين على أنها سبعُ لغات من لغات قريش وألفافها من ظواهر مكة إلى قيس.
وقد سميناها آنفاً، وذلك قول لا تُخرجُ عليه إلا بعض ألفاظ الحديث ويبقى سائرها غير مُتجه.
وقال بعض العلماء: إني تدبرت الوجوه التي تختلف بها لغاتُ العرب فوجدتها على سبعة،
أنحاء لا تزيد ولا تنقص، وبجميع ذلك نزل القرآن: الوجه الأول إبدالُ لفظ بلفظ: كالحوت بالسمك وبالعكس، وكالعهن المنفوش قرأها ابن مسعود: كالصوف المنفوش، والثاني إبدال
حرف بحرف كالتابوت والتابوه - وقد مَر بك أنها كانت كتابة زيد بن ثابت حتى غيَّرها عثمان - رضي الله عنه.
- والثالث تقديم وتأخير، إما في الكلمة، نحو: سُلِبَ زيد ثَوبهُ وسُلِب ثوبُ زيد. وإما في الحرف، نحو: أفلم ييأس وأفلم يايس؛
والرابع زيادةُ حرف أو نقصانه، نحو: ماليه وسلطانيَه،
فلا تَكُ في مِريَة؛
والخامس اختلاف حركات البناء، نحو: فلا تحسبن (بفتح السين وكسرها) ،
والسادس اختلافُ الإعراب، نحو: " ما هذا بشراً "،
وقرأ ابن مسعود بالرفع،
والسابع التفخيم والإمالة، وهذا اختلاف في اللحن والتزيين لا في نفس اللغة، والتفخيم أعلى وأشهر عند فصحاء العرب، وقد مَرَّ معنى ذلك -
قال: فهذه الوجوه السبعة التي بها اختلفت لغاتُ العرب قد أنزل الله باختلافها القرآن متفرقاً فيه، ليعلم بذلك أن من زَل عن ظاهر التلاوة بمثله أو من تعذر عليه تركُ عادته (اللغوية) فخرج
إلى نحو مما قد نزلَ به فليسَ بمَلوم ولا معاقَب عليه؛ وكل هذا فيما إذا لم يختلف في المعانى. اهـ.
وهو قول حسن يحمل به الحديث على معنى القراءات التي هي في الأصل فروق لغوية،
وإن كان بعض الأحرف قد قرئ بسبعة أوجه وبعشرة، نحو: (مالك يوم الدين) و (عَبْدَ الطاغوت) .