وافتنانه على هذه الوجوه المعجزة، التي أقل ما توصف به أنها السحرُ، بل السحر بعضها وكان ذلك فيهم فيكونوا هم دليله من بعد.

وليت شعري ما هو أمر المعجزة في العقل، إن لم يكن هذا من أمره؛

(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62) .

***

التحدي والمعارضة:

كان العرب قد بالغوا لعهد القرآن مبلغهم من تهذيب اللغة ومن كمال الفطرة، ومن دقة الحس البياني، حتى أوشكوا أن يصيروا في هذا المعنى قبيلاً واحداً باجتماعهم على بلاغة الكلمة

وفصاحة المنطق، وأنهم لأول دعوة من بلغائهم وفصحائهم، مع تباعد ديارهم بعضهم عن بعض، وتعاديهم واختلافهم في غير هذا الحس باختلاف قبائلهم ومعايشهم، لأن الكلام هو

يدفعهم إلى المنافرة، ويبعثهم على المفاخرة، وما كان الكلام صناعة قوم إلا أصبتهم معه كالجُمَل المؤلفة يردُ بعضها بعضاً ويدور بعضها على بعض، فيكون كل فرد منهم كأنه لفظ حي، وكأن

معنى حياته في الألفاظ وفيه معاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015