فالبيت الأول مخالف لما عليه مذهبهم، في طلب الإسعاد (?) بالدموع، والإسعاف بالبكاء، ومخالف لأول كلامه، لأنه يفيد مخاطبة العذل، وهذا يفيد مخاطبة الرفيق.

وقد بينت لك أن القوم يسلكون حفظ الألفاظ وتصنيعها، دون ضبط المعاني وترتيبها، ولذلك (?) قال الله عز وجل: (وَالْشُّعَرَاءَ يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل وَادٍ يَهِيمُونَ /.

وَأَنَّهُمْ يَقُولُون مَا لاَ يَفْعَلُونَ) (?) فأخبر سبحانه أنهم يتبعون القول حيث توجه بهم، واللفظ كيف أطاعهم، والمعاني كيف تتبع ألفاظهم.

وذلك خلاف ما وضع عليه الإبانة عن المقاصد بالخطاب، ولذلك كان طلب الفصاحة فيه أسهل وأمكن، فصار بهذا أبلغ خطابهم.

ثم لو أن هذا البيت وما يتلوه من البيتين سلم من نحو هذا، لم يكن في ذلك شئ يفوت شعر شاعر، أو كلام متكلم.

وأما قوله: " والشرى أرى "، فإنه وإن كان قد تصنع له من جهة الطباق، ومن جهة التجنيس المقارب، فهي كلمة ثقيلة على اللسان، وهم يذمون نحو هذا، كما عابوا على أبي تمام قوله: كريمٌ متى أمدحْهُ أمدحه والورى * معى، ومتى مالمته لمته وحدي (?) ذكر لى الصاحب [إسماعيل] (5) بن عباد، أنه جارى أبا الفضل بن العميد في محاسن [هذه] (5) القصيدة، حتى انتهى إلى هذا البيت، فذكر له في أن قوله: " أمدحه أمدحه، معيب، لثقله من جهة تدارك حروف الحلق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015