414 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُخَرِّمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ حُذَافَةَ قَالَ: " رَأَيْتُ بِصَحَارٍ جَارِيَةً قَدْ أَلْصَقَتْ خَدَّهَا بِقَبْرٍ وَهِيَ تَبْكِي وَتَقُولُ:

[البحر الكامل]

-[202]-

خَدِّي يَقِيكَ خُشُونَةَ اللَّحْدِ ... وَقَلِيلَةٌ لَكَ سَيِّدِي خَدِّي

يَا سَاكِنَ التُّرْبِ الَّذِي بِوَفَاتِهِ ... عَمِيَتْ عَلَيَّ مَسَالِكُ الرَّشَدِ

اسْمَعْ فَدَيْتُكَ غَلَّتِي فَلَعَلَّنِي ... أَشْفِي بِذَلِكَ غَلَّةَ الْوَجْدِ

قَالَ: فَسَأَلْتُهَا عَنْ صَاحِبِ الْقَبْرِ فَقَالَتْ: فَتًى رَافَقْتُهُ فِي الصِّبَا، وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ:

كُنَّا كَرُوحِ حَمَامَةٍ فِي أَيْكَةٍ ... مُتَنَعِّمِينَ بِصِحَّةٍ وَشَبَابِ

فَعَدَا الزَّمَانُ مُشَتِّتًا بِفِرَاقِهِ ... تَعِسَ الزَّمَانُ بِفُرْقَةِ الْأَحْبَابِ

قَالَ: فَبَكَيْتُ لِرِقَّةِ شِعْرِهَا، فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ:

تَبْكِي عَلَيْهِ وَلَسْتَ تَعْرِفُ أَمْرَهُ ... فَلَأُعْلِمَنَّكَ مَالَهُ بِبَيَانِ

مَا كَانَ لِلْعَافِينَ غَيْرَ نَوَالِهِ ... فَإِذَا اسْتُجِيرَ فَفَارِسُ الْفُرْسَانِ

لَا يُتْبِعُ الْجِيرَانَ رِيبَةَ طَرْفِهِ ... وَيُتَابِعُ الْإِحْسَانَ لِلْجِيرَانِ

عَفُّ السَّرِيرَةِ وَالْجَهِيرَةِ مِثْلُهَا ... فَإِذَا اسْتُضِيمَ أَرَاكَ سَبْقَ طِعَانِ

فَقُلْتُ: أَعْلِمِينِي مَنْ هُوَ؟ قَالَتْ: سِنَانُ بْنُ وَبَرَةَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ الشَّاعِرُ:

يَا رَايِدًا غَيْثًا لِنَجْعَةِ قَوْمِهِ ... يَكْفِيكَ مِنْ غَيْثٍ نَوَالُ سِنَانِ

ثُمَّ قَالَتْ: يَا هَذَا، وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّكَ غَرِيبٌ مَا مَتَّعْتُكَ مِنْ حَدِيثِي، مَا كَانَ يُجِلُّ عَنِ السَّامِعِينَ، قُلْتُ: فَكَيْفَ كَانَ حُبُّهُ لَكِ؟ قَالَتْ: آلَى أَلَّا يُوَسِّدَنِي إِلَّا يَدَهُ عُمْرَهُ وَعُمُرِي، فَبَقِيتُ مَعَهُ أَرْبَعِينَ أَحْوَالًا، مَا عَلِمَ اللَّهُ أَنِّي تَوَسَّدْتُ غَيْرَهَا إِلَّا فِي حَالٍ يَمْنَعُهُ مِنِّي مَانِعٌ، وَكَانَ قَلِيلَ الْإِفَاقَةِ مِنْ ذَلِكَ "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015