وروي عن ابن عبّاس قال: "ما السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلاّ كخردلة في يد أحدكم".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والعيوب ويتضمن صفة الكبرياء قال تعالى: {وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37) } .

قوله: "روي عن ابن عبّاس قال: ما السماوات السبع والأرَضون السبع في كفِّ الرحمن إلاّ كخردلة في يد أحدكم" تقدّم بيان معنى هذا من الآية والأحاديث، وأنّ الله سبحانه وتعالى يطوِي السماوات فيأخذها بيده اليُمنى، ويطوي الأرضين السبع فيأخذهن بشمالِه، ثم يقول: "أنا الملِك ... " إلى آخره، وفي هذا الأثر ما يوافق ما سبق.

فقوله: "ما السماوات السبع في كفِّ الرحمن إلاّ كخردلة" أي: أنّه سبحانه وتعالى يطوي السماوات السبع ويقبضُها بيده اليُمنى، ويطوي الأرَضين السبع فيأخذهنّ بشماله، فتكون في كفِّه سبحانه وتعالى كخردلة، والخردلة هي: أصغر شيء يُضرب المثل بصغيرِها.

فهذه السماوات العظيمة في كَفِّ الرحمن والأرضون الواسعة وما فيها في كفِّ الرحمن كالخردلة في يد واحدٍ منّا، هذا تشبيه لصغر هذه المخلوقات بالنسبة إلى الله، كصغر حبّة الخردل في يد المخلوق، وليس هو من تشبيه الله سبحانه وتعالى أو صفة من صفاتِه بصفات المخلوقين، وإنّما هو تشبيه لصغر المخلوقات بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى بصغر حبّة الخردل بالنسبة ليد المخلوق.

وهذا من باب ضرب الأمثال التي تقرب بها المعاني ويوضح المقصود.

قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسيره: "أضواء البيان ": فيحصل من هذا البحث أن الصّفات من باب واحد وأن الحق فيها متركب من أمرين:

الأول: تنزيه الله جل وعلا عن مشابهة الخلق.

والثاني: الإيمان بكل ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إثباتاً أو نفياً وهذا هو معنى قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} والسلف الصالح رضي الله عنهم ما كانوا يشكون في شيء من ذلك ولا كان يشكل عليهم. إلاّ ترى إلى قول الفرزدق وهو شاعر فقط وأما من جهة العلم فهو عامي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015