ولن يجد عبدٌ طعم الإيمان- وإن كثُرت صلاته وصومه- حتى يكون كذلك.

وقد صارتْ عامّة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يُجدي على أهله شيئاً" رواه ابن جرير.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

"فإنما تُنَال ولاية الله" ولاية الله محبته ونصرته. أما الوِلاية- بالكسر-: فهي الإمارة والوظيفة، وِلاية القضاء، وِلاية الملك، وِلاية حسبة، وولاية الله تعني: محبة الله. فمن اتصف بهذه الصفات أحبه الله، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} ، فإنما تنال محبة الله بطاعة رسوله كما في قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} ، فمن اتّبع الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحبه الله، ومن عصى الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبغضه الله.

فقوله: "فإنما تُنال ولاية الله بذلك" أي لا يحصل الإنسان على محبة الله ونُصرته إلا بهذه الأمور: المحبة في الله، والبغض في الله، والموالاة في الله، والمعاداة في الله. أما الذي يتّخذ الدنيا هي المقياس عليها يعادي وعليها يوالي، من أحسن إليه أحبه ولو كان عدوًّا لله عزّ وجلّ. ومن أساء إليه أبغضه ولو كان ولياً لله فهذا لا ينال ولاية الله، ولهذا قال ابن عباس في آخر الحديث: "وقد صارتْ عامّة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا".

فابن عباس يستنكر في وقته أن الناس صاروا يوالون ويعادون من أجل الدنيا فكيف بوقتنا هذا؟، لا شك أن الأمر قد زاد، فكثير من الناس فقدوا هذه الصفات: المعاداة في الله، والموالاة في الله، والمحبة في الله، والبُغض في الله، إلا من شاء الله سبحانه وتعالى، ولكن قلّ هذا في الناس اليوم، لا نقول إنه مفقود، بل هو موجود -ولله الحمد، ولكنه قلّ، وما دام أنه قليلٌ فليفتّش كل واحد منا عن نفسه بأن لا يكون مع الكثرة التي ضيّعتْ هذا الأصل العظيم كالذين لا يوالون، إلا على الحزبية والمنهجية فمن وافقهم على حزبيتهم ومنهجيتهم أحبوه ولو كان عدو الله ورسوله ومن خالفهم أبغضوه ولو كان ولياً لله ورسوله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015