[الباب الثلاثون:]
* باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء
وقول الله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) } .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال الشيخ رحمه الله: "باب الاستسقاء بالأنواء" أي: طلب السقيا بالنجوم. ما حكمه؟ وما دليله؟.
وهذا الباب يُعتبر نوعاً من أنواع الباب الذي قبله، وهو "باب ما جاء في التنجيم"، فالباب الأول عامٌّ في كلِّ ما يُعتقد في النجوم من الكفر والضلال والباطل من استسقاء وغيره، وهذا الباب خاصٌّ بمسألة واحدة، وهي الاستسقاء بالنجوم.
قوله: "باب ما جاء" أي: من الوعيد في الكتاب والسنّة، وبيان أنّ ذلك كفر بالله تعالى، لأنه اعتقادٌ في غير الله في أنه يخلق أو يرزق أو يدبِّر شيئاً من هذا الكون، وهذا كفرٌ بالله سبحانه وتعالى، لأن الله سبحانه هو الخالق المتصرِّف المدبِّر لهذا الكون ليس له شريك، وكلُّ هذه المخلوقات كلها مدبَّرةٌ بأمره سبحانه وتعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} ، {أَلا لَهُ الْخَلْقُ} الذي هو: التدبير والإيجاد والتصرُّف، {وَالْأَمْرُ} الذي هو الشرع، فكما أنه الخالق فهو الذي يشرع سبحانه وتعالى، ويأمر وينهى، {تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} .
لَمّا قرأ عبد الله بن عمر هذه الآية قال: "من كان له شيء فليطلبه".
وقال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12) } ، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) } ، فلا يجوز أن يُعتَقد في مخلوق من المخلوقات أيًّا كان شكله وقوته ونوعه أن يُعتقد فيه أنه يدبِّر مع الله سبحانه وتعالى، وانما يدبِّر بأمر الله: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً (5) } يعني: الملائكة يدبِّرون بأمر الله سبحانه وتعالى، الله يأمرها وهي تدبِّر ما أمرها به سبحانه.
قال: "وقول الله تعالى: " {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) } " هذه الآية في سياق