والإقدام على محلاَّت الخطر من الإلقاء إلى التهلُكة، والله تعالى يقول: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ، إلاَّ إذا كان هناك مصلحة راجحة من الإقدام على هذه الأمور فيُقدم عليها، أما إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة فالأخذ بالأسباب الواقية أحسن، وإذا كان هناك مصلحة راجحة فالإقدام أحسن، على حسب الأحوال.

وقوله: "ولا طَيرة" هذا نفيٌ معناه: النهي، يعني: لا تتطيّروا، وإنْ كان الإنسان يجد في نفسه شيئاً فلا يمنعه ما يجد في نفسه من المُضي والعزم، لأن إيمانه يسوقه، بخلاف ضعيف الإيمان فإن التشاؤم يتغلّب عليه فيتراجع، ويكون هذا من الخلل في العقيدة، وضعف التوكُّل على الله سبحانه وتعالى.

وإذا وجدت في نفسك تشاؤماً أو كراهية فتوكّل على الله وأقدِم.

والطيرة ليس لها أصل، بخلاف العدوى، وإنما هي من الشيطان، فهي تخيُّلٌ من الإنسان بسبب وسوسة الشيطان.

فالتطيُّر ليس له أصل، ومن وجد في نفسه شيئاً من الكراهية فليتوكّل على الله وليعزم، ولا ترده الطيَرة عن مقصوده.

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ولا هامَة" الهامة: طائر يسمّى البومة، وكان العرب يتشاءمون به إذا وقع على بيت أحدهم قال: نعى إليَّ نفسي أو أحداً من أهلي. كانوا يتشاءمون بها، ويقولون: البوم لا يقع إلاَّ على الخراب. فهذا من عقيدة الجاهلية.

وبعض أهل الجاهلية يزعمون أنه إذا قُتل القتيل ولم يؤخذ له بالثأر فإنه يخرج منه طائر يسمّى الهامة، ويصوِّت: أسقوني، أسقوني" يعني: خذوا بالثأر، ولهذا يقول الشاعر:

يا عمرو إن لم تدع ذمي ومثلبتي

أضربك حتى تقول الهامة أسقوني

قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ولا صَفَر" هذا فيه قولان لأهل العلم:

القول الأول: أن المراد بالصفر: شهر صفر، لأنهم كانوا في الجاهلية يتشاءمون بهذا الشهر، فلا يتزوّجون فيه، ولا يسافرون، ولا يتاجرون، ويعتقدون أنه شهرٌ مشؤوم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015