وللأربعة والحاكم- وقال: صحيح على شرطهما- عن أبي هريرة: "من أتى عرَّافاً أو كاهناً فصدّقه بما يقول؛ فقد كفر بما أُنزل على محمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

ولأبي يعلى بسند جيّد عن ابن مسعود مثله موقوفاً.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وظاهر هذا أنه يخرج من الملّة.

وعن أحمد روايتان في نوع هذا الكفر: رواية أنه كفر أكبر يُخرج من الملّة.

ورواية أنه دون ذلك. وفيه قول ثالث: وهو التوقّف، وأن يُقرأ الحديث كما جاء من غير أن يفسِّر بالكفر الأكبر أو الكفر الأصغر، فنقول ما قاله الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويكفي.

ولكن الظاهر- والله أعلم- هو القول الأول؛ أنه كفر يُخرج من الملّة، لأنه لا يجتمع التصديق بالقرآن والتصديق بالكهانة، لأن الله أبطل الكِهانة، وأخبر أنها من عمل الشياطين، فمن صدّقها وصوّبها كان كافراً بالله كفراً أكبر. هذا هو الظاهر من الحديث.

قال: "وللأربعة والحاكم وقال: صحيح على شرطهما- عن أبيص هريرة: من أتى عرَّافاً أو كاهناً ... الخ" في هذا الحديث جمع بين الاثنين: العرَّاف والكاهن، فإذا جُمع بينهما فالكاهن هو: الذي يُخبر عن المغيّبات بسبب ما تُلقيه عليه الشياطين. وأما العرّاف فهو الذي يُخبر عن المغيّبات بسبب الحَدْس والتّخمين والخطّ في الأرض، وما أشبه ذلك.

فإذا ذُكر الاثنان جميعاً صار لكل واحد معنى.

أما إذا ذُكر الكاهن وحده دخل فيه العرّاف، وإذا ذُكر العراف وحده دخل فيه الكاهن.

قال: "ولأبي يعلى" أبو يعلى هو: أبو يعلى الموصلي، الإمام الحافظ.

"بسند جيّد عن ابن مسعود مثله" أي: مثل حديث أبي هريرة: "من أتى عرَّافاً أو كاهناً فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" إلاَّ أنه موقوف على ابن مسعود، ولم يُرفع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والموقوف: ما كان من كلام الصحابي.

فهذا يؤيّد ما سبق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015