[الباب السادس والعشرون:]
* بابُ ما جاء في الكهان ونحوهم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مناسبة هذا الباب لما قبله: أن ما قبله في بيان السحر وحكم الساحر، وبيان بعض أنواع السحر. وهذا في حكم الكُهّان، وذلك للتشابه بين الكُهّان والسحرة، لأن كلاًّ من السحر والكهانة عمل شيطاني يُنافي العقيدة ويضادّها.
والشيخ رحمه الله في هذا الكتاب يبيّن العقيدة الصحيحة، ويبيّن ما يضادّها من الشركيّات والكفريّات أو ينقصها من البدع والمحدثات.
وهذه هي الطريقة الصحيحة المتمشِّية مع الكتاب والسنّة؛ أنه يبيّن الخير ويوضِّحه، ثمّ يبيّن ضدّه من الشر؛ من أجل أن يكون المسلم على حذر، لأنه لا يكفي أن الإنسان يعرف الخير فقط، بل لابد مع معرفته للخير أن يعرف الشر؛ من أجل أن يتجنّبه، وإلاَّ إذا لم يعرف الشر فإنه حريٌّ أن يقع فيه وهو لا يدري بل قد يظنه خيراً.
فقوله: "باب ما جاء في الكُهّان ونحوهم " يعني: ومن كان مثلهم من العرّافين والرّمّالين وغير ذلك، لأن هذا باب يشمل كل ما هو من نوع الكِهانة.
والكِهانة معناها: ادّعاء علم الغيب، بطرق شيطانية.
فالكاهن هو: الذي يُخبر عن المغيبّات من الأشياء المستقبَلَة، والأشياء المفقودة والضالّة، بسبب أنه يخضع للشياطين، لأن الشياطين عندهم مقدرة ليست عند الإنس، فهم يرتفعون في الجوّ ويحاولون استراق السمع من السماء، ثمّ يُخبرون بما يسمعون من يخضع لهم من الإنس، ثمّ هذا الإنسي يأخذ الكلمة التي سُمعت من السماء، ويكذب معها مائة كذبة، من أجل أن يلبِّس على النّاس.
ولا تُخبره الشياطين إلاَّ إذا أطاعهم، وكفر بالله سبحانه وتعالى، وأشرك بالله، ونفّذ ما تمليه عليه الشياطين من الكفر والشرك، وإلاَّ فالشياطين لا تطيع المؤمن، الموحّد لأنه لا يطيعها، وإنما تطيع من يأتي على رغبتهم في الكفر بالله والشرك بالله.
وكانت الكهانة سوقاً رائجة عند العرب في الجاهلية، وكان الكُهّان لهم شأن عند العرب، كل قبيلة لها كاهن يتحاكمون إليه، وكانت الشياطين تسترق السمع،