. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(تتمة) يصح الاستثناء بإلا أو إحدى أخواتها في الإقرار كغيره بشروط، الأول وصل المستثني بالمستثنى منه عرفا، فلا يضر سكتة تنفس وعي وانقطاع صوت، بخلاف الفصل بسكوت طويل وكلام أجنبي، ولو يسيرا، الثاني أن ينويه قبل
فراغه من المستثنى منه، وإلا لزم رفع الإقرار بعد لزومه.
الثالث عدم استغراق المستثني للمستثنى منه، فإن استغرقه، نحو له علي عشرة إلا عشرة، لم يصح، ما لم يتبعه باستثناء آخر غير مستغرق نحو له علي عشرة إلا عشرة إلا خمسة، فيصح، ويلزمه خمسة.
ثم أنه لا فرق في صحة الاستثناء بين أن يكون متصلا، نحو له علي عشرة إلا خمسة، أو منقطعا، نحو له علي ألف إلا ثوبا، ولا فرق أيضا بين تأخير المستثني عن المستثنى منه أو تقديمه عليه، نحو له علي إلا عشرة مائة، ولا فرق أيضا بين الإثبات والنفي.
فلو قال ليس له علي شئ إلا عشرة، لزمه عشرة.
ولو قال ليس له علي عشرة إلا خمسة، لم يلزمه شئ، لأن العشرة إلا خمسة، عبارة عن خمسة، فكأنه قال ليس له علي خمسة.
وإذا تكرر الاستثناء بعطف، فالكل من الأول، نحو له علي عشرة إلا ثلاثة وإلا ألاربعة، فمجموع المستثنى سبعة، وهو مستثنى من العشرة، فيلزمه ثلاثة أو بغير عطف، فكل واحد مستثنى مما قبله، فلو قال على عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة إلا ستة إلا خمسة إلا أربعة إلا ثلاثة إلا اثنين إلا واحدا، لزمه خمسة.
وطريق معرفة ذلك، أن تخرج المستثنى الأخير مما قبله، ثم تخرج ما بقي مما قبله، وهكذا، ففي هذا المثال تخرج الواحد من الاثنثن وما بقي من الثلاثة وما بقي من الأربعة، وهكذا حتى تنتهي إلى الأول، فما بقي، فهو المقر به.
ولك أن تخرج الواحد من الثلاثة، وما بقي من الخمسة، وهكذا مقتصرا على الأوتار.
وهذا أسهل من الأول ومحصل للمطلوب.
ولك طريق أخرى، وهي أن الاستثناء من الإثبات نفي، ومن النفي إثبات، فالمعنى له علي عشرة تلزم إلا تسعة لا تلزم إلا ثمانية تلزم، وهكذا.
فتجمع الأعداد المثبتة، وكذلك المنفية، ثم تسقط مجموع المنفية من مجموع المثبتة، فالأعداد المثبتة، في المثال المذكور، ثلاثون، والمنفية خمسة وعشرون، فإذا أسقطت المجموع من المجموع، بقي خمسة، وهي المقر به.
(ظريفة): قال السيوطي: دخل أبو يوسف على الخليفة هارون الرشيد وعنده الكسائي فقال أبو يوسف له: لو تفقهت لكان أنبل لك.
فقال يا أبا يوسف: ما تقول في رجل أقر لفلان بلفظ علي مائة درهم إلا عشرة دراهم إلا درهما واحدا، كم ثبت عليه من الإقرار؟ فقال: تسعة وثمانون.
فقال الكسائي له، أخطأت.
فقال ولم؟ قال: لأن الله تعالى يقول: * (قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين) * فهل كانت المرأة مستثناة من الآل أو من القوم؟ قال من الآل.
قال كم ثبت حينئذ عليه من الإقرار؟ فقال: أحد وتسعون.
اه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.