(وسئل) العلامة الطنبداوي عن الجوابي والجرار التي عند المساجد فيها الماء إذا لم يعلم أنها موقوفة للشرب، أو الوضوء أو الغسل الواجب، أو المسنون، أو غسل النجاسة؟ (فأجاب) إنه إذا دلت قرينة على أن الماء موضوع لتعميم الانتفاع: جاز جميع ما ذكر من الشرب وغسل النجاسة وغسل الجنابة وغيرها.
ومثال القرينة: جريان الناس على تعميم لانتفاع من غير نكير من فقيه وغيره، إذا الظاهر من عدم النكير: أنهم أقدموا على تعميم الانتفاع بالماء بغسل وشرب ووضوء وغسل نجاسة.
فمثل هذا إيقاع يقال بالجواز.
وقال إن فتوى العلامة عبد الله بامخرمة يوافق ما ذكره.
انتهى.
قال القفال وتبعوه: ويجوز شرط رهن من مستعير كتاب وقف يأخذه الناظر منه ليحمله على رده وألحق به شرط ضامن.
وأفتى بعضهم
في الوقف على النبي (ص) أو النذر له بأنه يصرف لمصالح حجرته الشريفة فقط، أو على أهل بلد أعطي مقيم بها أو غائب عنها لحاجة غيبة لا تقطع نسبته إليها عرفا.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بمحل.
اه.
(قوله: وسئل العلامة الطنبداوي عن الجوابي والجرار) أي عن استعمال ما فيهما من الماء استعمالا عاما للشرب والوضوء وغسل النجاسة ونحو ذلك، هل يجوز أم لا؟ فالمسؤول عنه مقدر يدل عليه سياق الكلام.
والجوابي، حفر يوضع فيها الماء، والجرار، أوان من الخزف (قوله: التي عند المساجد) الأولى اللتين، بصيغة التثنية، إذ الموصوف: الجوابي والجرار، وهما اثنان.
وقوله فيها الماء، الجملة من المبتدأ والخبر حال منهما، والأولى أيضا فيهما بضمير المثنى.
(وقوله: إذا لم يعلم أنها) أي الجوابي والجرار، والأولى أنهما، كما في الذي قبله، (وقوله: موقوفة) أي موقوف ما فيهما من الماء معهما (قوله: فأجاب) أي الطنبداوي (قوله: أنه) أي الحال والشأن.
(وقوله: إذا دلت قرينة) مفهومه أنها إذا لم تدل قرينة على ذلك يمتنع التعميم (قوله: موضوع) أي في الجوابي والجرار، أي وضعه الواقف
فيهما.
(وقوله: لتعميم الإنتفاع) أي للإنتفاع به العام، أي مطلقا من غير تخصيص بوضوء أو غسل أو نحوهما (قوله: جاز جميع ما ذكر) جواب إذا (وقوله: من الشرب الخ) بيان لما.
(وقوله: وغيرها) أي كغسل الوسخ الظاهر (قوله: جريان الناس) أي ذهابها واستمرارهم.
(وقوله: على تعميم الانتفاع) أي بالماء المذكور.
(وقوله: من غير نكير) أي انكار.
(وقوله: من فقيه) متعلق بنكير.
وقوله انهم الخ، ظاهر صنيعه أن الضمير يعود على الناس، وهو لا يصح، لأنه يلزم عليه تعليل الشئ بنفسه، إذ المعنى عليه، ومثال القرينة جريان الناس الخ، لأن الناس أقدموا الخ.
ولا فائدة في ذلك، فيتعين إرجاعه إلى معلوم من السياق، وهو الواقفون.
وقوله أقدموا، أي رضوا، كما في المصباح، وعبارته، وأقدم على العيب إقداما، كناية عن الرضا به.
اه.
والمراد أن جريان الناس على عموم الانتفاع به قرينة دالة على أن الواقف راض به.
فتنبه (قوله: فمثل هذا) أي الذي جرى الناس على عميم الانتفاع به.
وقوله إيقاع: أي وقوع وحصول بالفعل، وفي بعض نسخ الخط، فمثل هذا يقال بالجواز فيه، بإسقاط لفظ إيقاع، وقوله يقال بالجواز، أي يحكم عليه بالجواز (قوله: وقال) أي العلامة الطنبداوي، وقوله يوافق ما ذكره، أي العلامة المذكور، وكان المناسب توافق، بالتاء، لأن فاعله عائد على الفتوى (قوله: وتبعوه) أي تبع القفال الفقهاء فيما قاله (قوله: ويجوز شرط رهن الخ) أي يجوز لواقف كتاب أن يشترط رهنا على من يستعيره ليرده، ومثله شرط ضامن.
قال في التحفة: وليس المراد منهما حقيقتهما.
اه.
وقوله من مستعير، متعلق برهن، وهو مضاف إلى كتاب المضاف إلى وقف.
وقوله يأخذه، أي الرهن.
وقوله منه، أي المستعير.
وقوله ليحمله: الفاعل يعود على الرهن، والمفعول يعود على المستعير، وهو تعليل لجواز شرط الرهن (قوله: وألحق به) أي شرط الرهن في الجواز (قوله: وأفتى بعضهم في الوقف على النبي - صلى الله عليه وسلم - أو النذر له، بأنه يصرف لمصالح حجرته الشريفة فقط) قد تقدمت هذه المسألة للشارح في مبحث النذر بأبسط مما هنا، ولنسق عبارته هنا، تكميلا للفائدة، فنصها: ويصح النذر للجنين كالوصية له، لا للميت، إلا لقبر الشيخ الفلاني وأراد به قربة، ثم كإسراج ينتفع به