ولو غير مأكول، وهي ما نقله إلى مكان الموهوب له إكراما، بل يكفي فيها البعث من هذا، والقبض من ذاك، وكلها مسنونة، وأفضلها الصدقة، وأما كتاب الرسالة الذي لم تدل قرينة على عوده، فقد قال المتولي إنه ملك المكتوب إليه، وقال غيره: هو باق بملك الكاتب، وللمكتوب إليه الانتفاع به على سبيل الاباحة.
وتصح الهبة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الصحيح، كما صرح به في متن المنهاج، وعبارته: ولا يشترطان، أي الإيجاب والقبول، في الهدية على الصحيح، بل يكفي البعث من هذا والقبض من ذلك، قال في المغني، كما جرى عليه الناس في الأعصار، وقد أهدى الملوك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكسوة والدواب والجواري.
وفي الصحيحين: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة رضي الله عنها وعن أبويها ولم ينقل إيجاب ولا قبول.
اه.
(لطيفة): قال بعضهم ست كلمات جوهرية لا يحويها إلا العقول الذكية، أصل المحبة، الهدية، وأصل البغضة، الأسية، وأصل القرب، الأمانة، وأصل البعد، الخيانة.
وأصل زوال النعمة، البطر، وأصل العفة، غض البصر (قوله: ولو غير مأكول) غاية لعدم اشتراط الإيجاب والقبول في الهدية.
ولفظ غير، منصوب بإسقاط الخافض، أي ولو كانت الهدية بغير مأكول، أي من كل ما ينقل، كالثياب، والعبيد، وأما غير المنقول، كالعقار، فلا يقع عليه اسم الهدية، كما يفيده قوله بعد، وهي ما نقله الخ.
قال في شرح الروض، واستشكل ذلك بأنهم صرحوا في باب النذر بما يخالفه، حيث قالوا، لو قال لله علي أن أهدي هذا البيت، أو الأرض، أو نحوهما، مما لا ينقل، صح، وباعه، ونقل ثمنه.
ويجاب بأن الهدي، وإن كان من الهدية، لكنهم تواسعوا فيه بتخصيصه بالإهداء إلى فقراء الحرم، وبتعميمه في المنقول وغيره، ولهذا لو نذر الهدي، انصرف إلى الحرم، ولم يحمل على الهدية إلى فقير.
اه.
(قوله: وهي) أي الهدية، وقوله ما نقله: أي تمليك ما نقله المهدي، ومثله: ما لو بعثه.
وقد عبر به بعضهم (قوله: إلى مكان الموهوب له) المناسب المهدي إليه، كما هو ظاهر (قوله: إكراما) أي لأجل الإكرام، قال السبكي، والظاهر أن الإكرام ليس شرطا، والشرط، هو النقل.
قال الزركشي، وقد يقال احترزوا به عن الرشوة (قوله: بل يكفي الخ) إضراب انتقالي من قوله ولا في الهدية،
أي ولا يشترطان في الهدية بل يكفي فيها الخ.
وقوله البعث.
الأنسب بما قبله النقل بدله، (وقوله: من هذا) أي المهدي، فالبعث منه بمنزلة الإيجاب منه، (وقوله: القبض من ذاك) أي المهدى إليه، أي وهو بمنزلة القبول منه.
قال سم: هل يشترط الوضع بين يديه كما في البيع؟ ثم رأيت في تجريد المزجد ما نصه: في فتاوى البغوي يحصل ملك الهدية بوضع المهدي بين يديه إذا أعلمه به، ولو أهدى إلى صبي ووضعه بين يديه أو أخذه الصبي لا يملكه.
اه.
وهو يفيد ملك البالغ بالوضع بين يديه، وقد جعلوا ذلك قبضا في البيع.
اه.
(قوله: وكلها مسنونة) أي الهبة، والصدقة، والهدية، (وقوله: وأفضلها الصدقة) أي لأنها في الغالب تعطى للمحتاجين.
قال في الروض وشرحه، والكل مستحب، وإن كانت الصدقة أفضل، وصرفه إلى الجيران والأقارب أفضل منه إلى غيرهم.
ولا يحتقر المهدي ولا المهدى إليه القليل، فيمتنع الأول من إهدائه، والثاني من قبوله، لخبر: لا تحقرن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة ويستحب أن يدعو كل منهما للآخر بالبركة ونحوها، بأن يدعو المهدى إليه للمهدي، ثم يدعو له الآخر.
اه.
(قوله: وأما كتاب الرسالة الخ) الأولى حذف أما، لعدم تقدم ما يقابلها، وذكر هذه المسألة في التحفة بعد كلام يلائمها، ونصها مع الأصل، ولو بعث هدية في ظرف، فإن لم تجر العادة برده، كقوصرة تمر، أي وعائه، فهو هدية أيضا، كالذي في الظرف، تحكيما للعرف المطرد، وكتاب الرسالة الخ.
اه.
بتصرف.
فلو صنع الشارح كصنيع شيخه، لكان أولى (قوله: الذي لم تدل قرينة على عوده) قال ع ش: كأن كتب له فيه رد الجواب على ظهره (قوله: فقد قال المتولي إلخ) قال في النهاية، هو أوجه من قول غيره (قوله: وقال غيره) أي غير المتولي (قوله: هو) أي الكتاب المرسل (قوله: وللمكتوب إليه الانتفاع به) أي بأن يتعلم على الخطر الذي فيه أو يحفظ ما فيه ليكتب نظيره إلى صاحبه، وانظر، هل يجوز أن يكتب في ظهره