وخياطة ثوب، وقصارته، وصبغه بصبغ مالكه (بلا شرط) الاجرة.
فلو دفع ثوبه إلى خياط ليخيط، أو قصار
ليقصره، أو صباغ ليصبغه، ففعل، ولم يذكر أحدهما أجرة، ولا ما يفهمها، فلا أجرة له، لانه متبرع.
قال في البحر: ولانه لو قال اسكني دارك شهرا، فأسكنه، لا يستحق عليه أجرة إجماعا، وإن عرف بذلك العمل بها، لعدم التزامها.
ولا يستثنى وجوبها على داخل حمام، أو راكب سفينة مثلا بلا إذن، لاستيفائه المنفعة من غير أن يصرفها صاحبها إليه بخلافه بإذنه.
أما إذا ذكر أجرة، فيستحقها قطعا إن صح العقد، وإلا فأجرة المثل.
وأما إذا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقال أطعمني رطلا من اللحم، ولم يسم ثمنا، فأطعمه، لم يستحق عليه قيمته، لأنه بالتقديم له، مسلط له عليه، وليس هذا من البيوع الفاسدة حتى يضمن بالإتلاف، لأنه لم يذكر فيه الثمن.
والبيع إن صح أو فسد: يعتبر فيه ذكر الثمن.
اه.
من القول التام في آداب دخول الحمام، لابن العماد (قوله: كحلق رأس الخ) تمثيل للعمل (قوله: وقصارته) أي الثوب، وهو بكسر القاف: تبييضه (قوله: وصبغه) بفتح الصاد.
(وقوله: بصبغ) بكسر الصاد، ما يصبغ به.
قال في القاموس.
الصبغ، بكسر الصاد - والصبغة، والصباغ أيضا: كله بمعنى، وهو ما يصبغ به، ومنهم من يقول، الصباغ جمع صبغ، مثل بئر وبئار.
اه.
(وقوله: بصبغ مالكه) أي مالك الثوب، ومفاده إنه إذا كان صبغه بصبغ نفسه، استحق الأجرة، فانظره، فإنه أطلق في التحفة والنهاية مع الأصل والروض وشرحه، ولم يقيدوا بصبغ مالكه، ولا بصبغ نفسه (قوله: بلا شرط الأجرة) وهو يحصل بذكرها، أو بذكر ما يقتضيها.
ولو قال بلا ذكر ما يقتضي الأجرة، لكان أولى، ليوافق التفريع بعد (قوله: فلو دفع الخ) تفريع على المنطوف (قوله: ففعل) أي من ذكر من الخياط والقصار والصباغ المأذون له فيه، وأفرد الضمير، مع أن المرجع جمع، لأن العطف بأو، وهي للأحد الدائر، أو باعتبار تأويله بالمذكور (قوله: لا ما يفهمها) أي لم يذكر أحدهما ما يفهمها، أي الأجرة، كأن قال اعمل وأنا أرضيك، أو لا أخيبك، أو ما ترى مني إلا ما يسرك، أو اعمل وأنا أثيبك، ونحو ذلك، وفي هذه، يستحق أجرة المثل، كما سيذكره بقوله، أما إذا عرض بها الخ (قوله: فلا أجرة له) جواب لو، وضمير له، يعود أيضا على من ذكر.
وفي شرح الروض: قال الأذرعي، والأشبه أن عدم استحقاقه الأجرة، محله إذا كان حرا، مكلفا، مطلق التصرف، فلو كان عبدا، أو محجورا عليه بسفه، أو نحوه، استحقها إذ ليسوا من أهل التبرع بمنافعهم المقابلة بالأعواض.
اه (قوله: لأنه متبرع) أي فهو لم يعمل طامعا (قوله: ولأنه لو قال الخ) عطف على قوله، لأنه متبرع (قوله: لا يستحق عليه) أي على سكناه الدار.
قال ع ش، ومثله ما جرت به العادة، من أنه يتفق أن إنسانا يتزوج امرأة ويسكن بها في بيت أهلها مدة، ولم تجر بينهما تسمية أجرة ولا ما يقوم مقام التسمية، لكن قول الشارح أسكني دارك شهرا الخ، يفهم وجوب الأجرة في هذه المسألة، وهو ظاهر.
اه (قوله: وإن عرف بذلك العمل بها) غاية لقوله ولا أجرة بلا شرط، واسم الإشارة عائد على عدم الشرط المفهوم من قوله بلا شرط، والباء الداخلة عليه بمعنى مع، والعمل نائب فاعل عرف، والضمير في بها، عائد على الأجرة، أي لا أجرة بلا شرط، وإن عرف أن هذا العمل يكون بالأجرة مع عدم الشرط.
قال البجيرمي: وفي سم، قوله وإن عرف بذلك العمل، لكن أفتى الروياني باللزوم في المعروف بذلك، وقال ابن عبد السلام: هو الأصح، وأفتى به خلق من المتأخرين، وعليه عمل
الناس الآن، ويعلم منها أن الغاية للرد.
اه (قوله: لعدم التزامها) علة لما تضمنته الغاية، أي لا أجرة له إذا كان معروفا عمله بها، لعدم التزام الأجرة في مقابلة عمله، وهي عين الأولى، أعني قوله لأنه متبرع، فلو اقتصر على إحداهما لكان أخصر (قوله: ولا يستثنى وجوبها) أي الأجرة من القاعدة المذكورة، أعني ولا أجرة لعامل بلا شرط - إذ هو ليس من أفرادها، إذ العامل فيها صرف منفعته بنفسه، وداخل الحمام أو راكب السفينة استوفاها من غير أن يصرفها صاحبها إليه (قوله: أو راكب سفينة) في فتح الجواد، وكداخل الحمام، راكب السفينة، لكن بحثه ابن الرفعة أنه متى علم به مالكها حين سيرها، لم يستحق شيئا، كما لو وضع متاعه على دابة غيره فسيرها مالكها، فإنه لا أجرة له (قوله: بخلافه بإذنه) أي بخلاف ما إذا كان دخول الحمام أو ركوب السفينة بإذن صاحبها، فإنه صاحبها، فإنه لا أجرة عليه كالأجير.