فإن قلت: صرحوا في النذر بأنه لا بد أن ينوي أنها عنه.
قلت: هنا قرينة صارفة لوقوعها عما استؤجر له، ولا كذلك ثم، ومن ثم لو استؤجر هنا لمطلق القراءة وصححناه: احتاج للنية فيما يظهر أولا لمطلقها، كالقراءة بحضرته لم يحتج لها، فذكر القبر مثال، انتهى ملخصا.
وبغير متضمن لاستيفاء عين ما تضمن استيفاءها، فلا يصح اكتراء بستان لثمرته، لان الاعيان لا تملك بعقد الاجارة قصدا، ونقل التاج السبكي في توشيحه اختيار والده التقي السبكي في آخر عمره، صحة إجارة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يصرف القراءة لغير ما استؤجر عنه (قوله: صرحوا في النذر) أي نذر القراءة.
وقوله أن ينوي، أي عند الشروع، وقوله أنها، أي القراءة.
وقوله عنه، أي عما نذره (قوله: قلت هنا) أي في الاستئجار للقراءة على القبر (قوله: قرينة صارفة) أي وهي كونه عند القبر (قوله: لوقوعها) متعلق بصارفه، والضمير يعود على القراءة، (وقوله: عما استؤجر له) متعلق بوقوعها، وعن: بمعنى اللام، أي أن هنا قرينة تصرف القراءة لما استؤجر له.
اه.
رشيدي.
بتصرف (قوله: ولا كذلك
ثم) أي وليس في النذر قرينة تصرف القراءة لما ذكر، وانظر: لو نذر القراءة عند القبر فمقتضاه أنه لا يحتاج لنية لوجود القرينة.
ثم رأيت سم كتب على قول التحفة، قرينة صارفة، ما نصه: إن كانت كونه عند القبر، فقد يرد ما نذر القراءة عنده (قوله: ومن ثم لو استأجر هنا الخ) أي ومن أجل أن عدم وجوب النية لوجود القرينة لو استؤجر لمطلق القراءة على القول بصحته احتاج للنية، فيما يظهر، لفقد القرينة (قوله: وصححناه) أي قلنا بصحة استئجار مطلق القراءة، أي على خلاف ما مر من الحصر في الأربع، والمعتمد عدم الصحة، لأن شرط الإجارة، عود منفعتها للمستأجر، وليس هنا منفعة تعود عليه فيما إذا استؤجر لقراءة مطلقة (قوله: أو لا لمطلقها) أي أو استؤجر لا لمطلق القراءة، (وقوله: كالقراءة بحضرته) أي المقروء له، وقوله لم يحتج لها، أي النية (قوله: فذكر القبر) أي في قول بعضهم، من استؤجر لقراءة على قبر، (وقوله: مثال) أي لا قيد، إذ المدار، على وجود القرينة الصارفة، سواء كانت هي كونه عند القبر، أو كونه بحضرة المقروء له، أو غير ذلك.
تنبيه: قال في التحفة، ما اعتيد في الدعاء بعد القراءة من: اجعل ثواب ذلك، أو مثله مقدما إلى حضرته - صلى الله عليه وسلم -، أو زيادة في شرفه، جائز، كما قاله جماعة من المتأخرين، بل حسن مندوب إليه، خلافا لمن وهم فيه، لانه - صلى الله عليه وسلم - أذن لنا بأمره بنحو سؤال الوسيلة له في كل دعاء له بما فيه زيادة تعظيمه الخ.
اه.
وفي ع ش: فائدة جليلة: وقع السؤال عما يقع من الداعين عقب الختمات من قولهم، إجعل اللهم ثواب ما قرئ زيادة في شرفه - صلى الله عليه وسلم -، ثم يقول، واجعل مثل ثواب ذلك، وأضعاف أمثاله، إلى روح فلان، أو في صحيفته، أو نحو ذلك، هل يجوز ذلك، أم يمتنع، لما فيه من إشعار تعظيم المدعو إليه بذلك، حيث اعتني به فدعا له بأضعاف مثل ما دعا به للرسول - صلى الله عليه وسلم -؟.
أقول: الظاهر أن مثل ذلك لا يمتنع، لأن الداعي لم يقصد بذلك تعظيما لغيره عليه الصلاة والسلام، بل كلامه محمول على إظهار احتياج غيره للرحمة منه سبحانه وتعالى، فاعتناؤه به، للاحتياج المذكور، وللإشارة إلى أنه - صلى الله عليه وسلم -، لقرب مكانته من الله عزوجل، الإجابة بالنسبة له محققة، فغيره، لبعد رتبته عما أعطيه عليه الصلاة والسلام، لا تتحقق الإجابة له، بل قد لا تكون مظنونة - فناسب تأكيد الدعاء له، وتكريره رجاء الإجابة.
اه (قوله: وبغير متضمن الخ) معطوف على بمتقومه، أي وخرج بغير متضمن لاستيفاء عين، ما تضمن استيفاءها: أي استئجار منفعة تضمن استيفاء عين، كاستئجار الشاة للبنها، وبركة لسمكها، وشمعة لوقودها، وبستان لثمرته، فكل ذلك لا يصح.
وهذا مما تعم به
البلوى، ويقع كثيرا (قوله: لأن الأعيان لا تملك بعقد الإجارة قصدا) أي بخلافها تبعا، كما في اكتراء امرأة للإرضاع، فإنه يصح.
لأن استيفاء اللبن تابع للمعقود عليه، وبيان ذلك: ان الإرضاع هو الحضانة الصغرى، وهي وضعه في الحجر وإلقامه الثدي، وعصره له لتوقفه عليها، فهي المعقود عليه، واللبن تابع إذا بالإجارة موضوعة للمنافع، وإنما الأعيان تتبع