باب في الوكالة والقراض (تصح وكالة) شخص متمكن لنفسه كعبد، وفاسق في قبول نكاح، ولو بلا إذن سيد، لا في إيجابه،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب في الوكالة والقراض
أي في بيان أحكامهما، وشرائطهما.
وجمع بين الوكالة والقراض في ترجمة واحدة، مع أن الفقهاء أفردوا كلا بترجمة مستقلة، لما بينهما من تمام الإرتباط، إذ القرض توكيل وتوكل، فالمالك، كالموكل، فيشترط فيه شروطه، والعامل كالوكيل، فيشترط فيه شروطه، والوكالة، بفتح الواو، وكسرها، لغة: التفويض، والمراعاة، والحفظ.
وشرعا، ما سيذكره الشارح من قوله: وهي تفويض شخص أمره إلى آخر فيما يقبل النيابة.
وهي ثابتة بالكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، وذلك لقوله تعالى: * (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) * (?) وهما وكيلان لا حاكمان على المعتمد، ولخبر الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث السعاة لأخذ الزكاة، ولكون الحاجة داعية إليها.
ولهذا ندب قبولها، لأنها قيام بمصلحة الغير.
وقد تحرم: إن كان فيها إعانة على محرم.
وقد تكره: إن كان فيها إعانة على مكروه.
وقد تجب: إن توقف عليها دفع ضرر الموكل، كتوكيل المضطر في شراء طعام قد عجز عنه، وقد تتصور فيها الإباحة كما إذا لم يكن للموكل حاجة في الوكالة، وسأله الوكيل إياها من غير غرض وأركانها أربعة: موكل، ووكيل، وموكل فيه، وصيغة.
وشرط في الموكل: صحة مباشرته ما وكل فيه بملك أو ولاية، وإلا فلا يصح توكيله لأنه إذا لم يقدر على التصرف بنفسه، فبنائبه أولى.
فلا يصح توكيل غير مكلف في تصرف إلا السكران المتعدي، فيصح توكيله، ولا توكيل مكاتب في تبرع بلا إذن سيده، وسفيه فيما لا يستقل به، ولو بإذن وليه، وفاسق في إنكاح ابنته.
ويستثنى من ذلك: الأعمى، فيصح توكيله في نحو بيع، وشراء، وإجارة وهبة، وإن لم تصح مباشرته له للضرورة والمحرم فيصح أن يوكل حلالا في النكاح بعد التحلل، أو يطلق.
وشرط في الوكيل: صحة مباشرته ما وكل فيه، كالموكل، لأنه إذا لم يقدر على التصرف فيه لنفسه، فلغيره أولى فلا يصح توكيل صبي ومجنون، ومغمى عليه، ولا توكل امرأة في نكاح ولا محرم فيه ليعقده في إحرامه، وشرط في الموكل فيه: أن يكون قابلا للنيابة، وأن يملكه الموكل حين التوكيل، وأن يكون معلوما، ولو بوجه، فلا يصح فيما لا يقبل النيابة، كالعبادات، ولا فيما لا يملكه الموكل، كالتوكيل في بيع ما سيملكه، نعم، يصح فيما ذكر تبعا: كوكلتك في بيع ما أملكه، وكل ما سأملكه.
ولا فيما ليس بمعلوم، كوكلتك في كل قليل وكثير، أو في كل أموري، وبيع
بعض أموالي، لما في ذلك من الغرر العظيم، الذي لا ضرورة إلى احتماله.
وشرط في الصيغة، لفظ من موكل يشعر برضاه.
ولا يشترط من الوكيل: القبول لفظا، بل الشرط: عدم الرد منه، فلو ردها، كأن قال لا أقبل، أو لا أفعل، بطلت.
وكل ما ذكر يستفاد من كلام الشارح (قوله: تصح وكالة شخص) من إضافة المصدر لمفعوله.
(وقوله: متمكن لنفسه) أي متمكن من التصرف لنفسه فالجار والمجرور متعلق بمحذوف.
وهذا شرط للوكيل، (وقوله: كعبد وفاسق) تمثيل للمتمكن من التصرف لنفسه.
(وقوله: في قبول النكاح) أي أن تمكن العبد والفاسق ليس مطلقا، بل بالنسبة لقبول النكاح، فيصح توكلهما فيه، لتمكنهما منه لأنفسهما.
(وقوله: ولو بلا إذن سيد) أي أو ولي فيما إذا كان الفاسق سفيها.
وعبارة شرح المنهج: والسفيه والعبد فيتوكلان في قبول النكاح بغير إذن الولي والسيد.
اه.
والغاية للرد على من يقول: