وبأن لا يبذر بتضييع المال باحتمال غبن فاحش في المعاملة، وإنفاقه، ولو فلسا في محرم.
وأما صرفه في الصدقة، ووجوه الخير، والمطاعم، والملابس، والهدايا التي لا تليق به، فليس بتبذير.
وبعد إفاقة المجنون وبلوغ الصبي - ولو بلا رشد - يصح الاسلام، والطلاق، والخلع، وكذا التصرف المالي بعد الرشد.
وولي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ينفق على القائمين بمصالح الزرع، ويختبر ولد المحترف: بما يتعلق بحرفته.
وتختبر المرأة: بأمر غزل، وصون نحو أطعمة عن نحو هرة.
ويختبر الخنثي: بما يختبر به الذكر والأنثى.
ويشترط: تكرر الاختبار مرتين أو أكثر، حتى يغلب على الظن رشده، فلا تكفي المرة، لأنه قد يصيب فيها، اتفاقا (قوله: بأن لا يفعل محرما) تصوير لصلاح الدين.
واحترز بالمحرم، عما يمنع قبول الشهادة لإخلاله بالمروءة، كالأكل بالسوق، فلا يمنع الرشد، لأن الإخلال بالمروءة: ليس
بحرام على المشهور.
(وقوله: من ارتكاب كبيرة) أي مطلقا.
غلبت طاعاته معاصيه أو لا (قوله: مع دم غلبة طاعاته معاصيه) راج للإصرار على الصغيرة، فإن أصر عليها لكن مع غلبة طاعاته معاصيه.
بأن يكون مواظبا على فعل الواجبات، وترك المنهيات، يكون رشيدا (قوله: وبأن لا يبذر الخ) تصوير لصلاح المال (قوله: باحتمال الخ) قال البجيرمي: لم يظهر للفظ احتمال فائدة، فلعلها زائدة.
فتأمل.
(وقوله: غبن فاحش في المعاملة: أي وقد جهله حال المعاملة، فإن كان عالما به: كان الزائد صدقة خفية محمودة (واعلم) أنه لا يصح تصرف المبذر ببيع ولا غيره، كما سيأتي، قال سم: وقد يشكل عليه قصة حبان بن منقذ: أنه كان يخدع في البيوع، وأنه - صلى الله عليه وسلم - قال له من بايعت فقال لا خلابة الخ، فإنها صريحة في أنه كان يغبن، وفي صحة بيعه مع ذلك، لانه - صلى الله عليه وسلم - لم يمنعه من ذلك، بل أقره، وأرشده إلى اشتراط الخيار إلا أن يجاب بأنه: من أين كان يغبن غبنا فاحشا؟ فلعله إنما كان يغبن غبنا يسيرا.
ولو سلم: فمن أين أن غبنه كان عند بلوغه؟ فلعله عرض له بعد بلوغه رشيدا، ولم يحجر عليه، فيكون سفيها مهملا، وهو يصح تصرفه، لكن قد يشكل على الجواب بما ذكر: أن ترك الاستفصال في وقائع الأحوال ينزل منزلة العموم في المقال، وقد أقره - صلى الله عليه وسلم - على المبايعة، وأرشده إلى اشتراط الخيار، ولم يستفصل عن حاله: هل طرأ له بعد بلوغه رشيدا أو لا؟ وهل كان الغبن فاحشا أو يسيرا؟ فليتأمل.
اه (قوله: أيضا - غبن فاحش) هو ما لا يحتمل غالبا.
وخرج به: اليسير - كبيع ما يساوي عشرة من الدراهم: بتسعة منها، فلا يكون مبذرا به (قوله: وإنفاقه) معطوف على احتمال: أي أو بتضييع المال بإنفاقه الخ.
ومثله: رميه في بحر.
(وقوله: ولو فلسا) أي جديدا.
وهو قطعة من النحاس كانت معروفة.
(وقوله: في محرم) متعلق بإنفاق: أي إنفاقه في محرم، أي ولو صغيرة، لما فيه من قلة الدين (قوله: وأما صرفه) أي المال، وهو مقابل إنفاقه في محرم (قوله: ووجوه الخير) معطوف على الصدقة: عطف عام على خاص (قوله: التي لا تليق به) صفة للثلاثة قبله (قوله: فليس بتبذير) أي على الأصح، لأن له في ذلك غرضا صحيحا، وهو الثواب، أو التلذذ.
ومن ثم قالوا: لا سرف في الخير، كما لا خير في السرف.
وفرق الماوردي بين التبذير والسرف، بأن الأول: الجهل بمواقع الحقوق.
والثاني: الجهل بمقاديرها.
وكلام الغزالي يقتضي ترادفهما، ويوافقه قول غيره: حقيقة السرف ما يقتضي حمدا عاجلا، ولا أجرا آجلا.
ومقابل الأصح: يكون مبذرا فيها إن بلغ مفرطا في الإنفاق، فإن بلغ مقتصدا ثم عرض له ذلك بعد البلوغ، فلا (قوله: وبعد إفاقة) متعلق بقوله بعد يصح الخ (والحاصل) إذا زال المانع من الجنون والصبا بالإفاقة في الأول، وبالبلوغ في الثاني: يرتفع حجر الجنون وحجر الصبا.
وتقدم أن الصبي: مسلوب العبارة والولاية، فلا يصح عقوده، ولا إسلامه، ولو مميزا، ولا يكون
قاضيا، ولا واليا، ولا يلي النكاح، إلا ما استثنى من عبادة المميز، والإذن في الدخول، وأن المجنون مسلوب ما ذكر من غير استثناء شئ، فإذا أفاق المجنون: صح منه جميع ما ذكر، أو بلغ الصبي كذلك: يصح منه جميع ما ذكر، إلا إن بلغ غير رشيد بعدم صلاحه في دينه وماله، فحينئذ يعتريه مانع آخر، وهو السفه.
وحكم السفيه أنه مسلوب العبارة في التصرف المالي كبيع، وشراء، ولو بإذن الولي: إلا عقد النكاح منه بإذن وليه، فيصح، وتصح عبادته، بدنية، أو مالية، واجبة، ولكن لا يدفع المال، كالزكاة، بلا إذن من وليه، أما المالية المندوبة، كصدقة التطوع، فلا تصح منه (قوله: وكذا التصرف المالي) أي وكذلك يصح منه التصرف المالي.
(وقوله بعد الرشد) قيد في صحة التصرف المالي منه - كما مر -