(يحجز بجنون إلى إفاقة وصبا إلى بلوغ) بكمال خمس عشرة سنة قمرية، تحديدا، بشهادة عدلين خبيرين، أو خروج مني، أو حيض، وإمكانهما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كاتبه، والحجر على الورثة في التركة، والحجر على المشتري في المبيع قبل القبض.
وقد أنهاه بعضهم إلى نحو سبعين صورة، بل قال الأذرعي: هذا باب واسع جدا، لا تنحصر أفراد مسائله (قوله: يحجر بجنون الخ) وذلك لقوله تعالى: * (فإن كان الذي عليه الحق سفيها، أو ضعيفا، أو لا يستطيع أن يمل هو، فليملل وليه بالعدل) * (?) فجعل تعالى لهم
أولياء، فدل على الحجر عليهم.
وفسر الإمام الشافعي - رضي الله عنه - السفيه: بالمبذر، والضعيف: بالصبي، والذي لا يستطيع أن يمل هو: بالمغلوب على عقله - وهو المجنون - ثم إن معنى الحجر لغة: المنع.
ومنه تسمية العقل حجرا: لمنعه صاحبه من ارتكاب ما لا يليق، وهذا إذا كان بفتح الحاء.
وأما إذا كان بكسرها: فيطلق على الفرس، وعلى حجر إسماعيل، وعلى العقل وعلى حجر ثمود، وعلى المنع، وعلى الكذب، وعلى حجر الثوب ونظمها بعضهم في قوله: ركبت حجرا وطفت البيت خلف الحجروحزت حجرا عظيما ما دخلت الحجر لله حجر منعني من دخول الحجر ما قلت حجرا ولو أعطيت ملء الحجر فقوله ركبت حجرا: أي فرسا.
وطفت البيت خلف الحجر: أي حجر إسماعيل.
وحزت حجرا: أي عقلا، ما دخلت الحجر: أي حجر ثمود، لله حجر: أي منع، منعني من دخول الحجر: أي حجر ثمود، فهو مكرر، ما قلت حجرا: أي كذبا.
ولو أعطيت ملء الحجر: أي حجر الثوب.
ومعنى الحجر شرعا: منع من تصرف خاص بسبب خاص.
والحاجر لغير السفيه، هو الولي الآتي بيانه.
وللسفيه فيه تفصيل: حاصله أنه إن بلغ رشيدا، ثم بذر: يكون القاضي هو الحاجر، فهو وليه لا غير - فإن لم يحجر عليه: يسمى سفيها، مهملا، وتصرفاته غير نافذة.
وقوله: بجنون: وهو يسلب العبارة، أي ما يعبر به عن المقصود: كعبارة المعاملة، والدين بكسر الدال كالبيع والإسلام.
ويسلب الولاية: كولاية النكاح، والأيتام، وكالإيصاء.
(وقوله: إلى إفاقة) أي ويستمر ذلك الحجر إلى إفاقة منه، فإذا أفاق: ينفك من الحجر بلا فك قاض، لأنه حجر ثبت بلا قاض، فلا يتوقف زواله على فكه (قوله: وصبا) معطوف على جنون: أي ويحجر بصبا قائم بذكر أو أنثى ولو مميزا، وهو أيضا يسلب العبارة والولاية، إلا ما استثني من عبادة مميز، وإذن في دخول، وإيصال هدية (قوله: إلى بلوغ) أي ويستمر حجره إلى بلوغ، فإذا بلغ: انفك من حجر الصبا.
وعبر في المنهاج: ببلوغه رشيدا، ولا خلاف في ذلك، فمن عبر ببلوغه رشيدا: أراد الانفكاك الكلي.
ومن عبر ببلوغه: فقد أراد الانفكاك من حجر الصبا فقط، وهذا أولى، لأن الصبا: سبب مستقل في الحجر، وكذا التبذير، وأحكامهما متغايرة (قوله: بكمال خمس عشرة سنة) متعلق بمحذوف: أي ويحصل البلوغ بكمال ذلك، لخبر ابن عمر عرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني، ولم يرني بلغت، وعرضت عليه يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة، فأجازني، ورآني بلغت رواه ابن حبان.
وقوله: وأنا ابن خمس عشرة سنة: أي استكملتها، لأن غزوة أحد كانت في شوال سنة ثلاث، والخندق في جمادى سنة خمس، فبينهما سنتان.
وقوله تحديدا: قال في النهاية: فلو نقصت
يوما لم يحكم ببلوغه، وابتداؤها من انفصال جميع الولد.
اه (قوله: بشهادة عدلين خبيرين) متعلق بمحذوف أيضا: أي ويحكم له بالبلوغ بذلك بشهادة عدلين خبيرين، بأن عمره خمس عشرة سنة (قوله: أو خروج مني) معطوف على كمال خمس عشرة سنة: أي ويحصل البلوغ أيضا بخروج مني لآية * (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم) * (?) والحلم: الاحتلام وهو لغة: ما يراه النائم، أي من إنزال المني وقيل مطلقا.
والمراد به هنا: خروج المني في نوم، أو يقظة: بجماع، أو غيره.
قال في التحفة: وخرج بخروجه: ما لو أحس بانتقاله من صلبه، فأمسك ذكره، فرجع، فلا يحكم ببلوغه - كما لا غسل عليه - اه.
(وقوله: أو حيض) معطوف على مني: أي أو خروج حيض (قوله: وإمكانهما) أي