ويصح النذر بما في ذمة المدين - ولو مجهولا - فيبرأ حالا، وإن لم يقبل - خلافا للجلال البلقيني - ولو نذر لغير أحد أصليه أو فروعه من ورثته بماله قبل مرض موته بيوم ملكه كله من غير مشارك، لزوال ملكه عنه، ولا يجوز للاصل الرجوع فيه.
وينعقد معلقا في نحو: إذا مرضت فهو نذر قبل مرضي بيوم، وله التصرف قبل حصول المعلق عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يلزمه الفور بأدائه عقب وجود المعلق عليه.
(قوله: ولا يشترط قبول المنذور له إلخ) أي ولا يشترط في لزوم وفاء الناذر بما التزمه في ذمته بنذر المنجز أو المعلق أن يقبل لفظا لشخص المنذور له الشئ الملتزم أو يقبضه بالفعل، بحيث أنه إذا لم يقبل لفظا أو يقبض لا يلزم الناذر ذلك أي فيسقط عنه بل يشترط في ذلك أن لا يزده فما دام لم يرده اللزوم باق عليه.
فإن رده سقط عنه.
قال في شرح الروض: أي لأنه أتى بما عليه، ولا قدرة له على قبول غيره.
قال الزركشي: ومقتضاه أنه لا يجبر فلان أي المنذور له على قبوله.
ويفارق الزكاة بأن مستحقيها إنما أجبروا على قبولها خوف تعطيل أحد أركان الإسلام، بخلاف النذر.
اه.
ويفارق أيضا: بأن مستحقيها ملكوها، بخلاف مستحقي النذر.
اه.
ثم إن ما ذكر من أن الرد يؤثر: محله في المنذور الملتزم في الذمة كما أشرت إليه بقولي بما التزمه في ذمته أما المنذور المعين: فلا يتأثر بالرد.
والفرق أن ما في الذمة لا يملك إلا بقبض صحيح فأثر الرد قبل القبض، وأن المعين يزول ملكه عنه بالنذر فلا يتأثر
بالرد كما سيذكره الشارح وكما في التحفة، ونصها: ولا يشترط قبوله النذر، وهو كذلك.
نعم، الشرط عدم رده، وهو المراد بقول الروضة عن القفال في إن شفى الله مريضى فعلي أن أتصدق على فلان بعشرة لزمته، إلا إذا لم يقبل فمراده بعدم القبول: الرد، لا غير، على أنه مفروض كما ترى في ملتزم في الذمة وما فيها لا يملك إلا بقبض صحيح، فأثر، وبه يبطل النذر من أصله، ما لم يرجع ويقبل كالوقف على ما مر فيه، بخلاف نذره التصدق بمعين، فإنه يزول ملكه عنه بالنذر، ولو لمعين فلا يتأثر بالرد، كإعراض الغانم بعد اختياره التملك.
اه.
(قوله: ويصح النذر) أي للمدين.
(وقوله: بما في ذمة المدين) أي بالدين الذي في ذمة المدين.
وقوله: ولو مجهولا أي ولو كان الذي في الذمة قدرا مجهولا للناذر، فإنه يصح، لأن النذر لا يتأثر بالغرر بخلاف البيع.
(قوله: فيبرأ) أي المدين.
(وقوله: وإن لم يقبل) أي وإن رد ذلك.
(قوله: خلافا للجلال البلقيني) هكذا في التحفة، والمتبادر من صنيعه أنه راجع للغاية الثانية، فيكون الجلال خالف في براءته عند عدم القبول.
(قوله: ولو نذر لغير أحد أصليه) خرج به ما لو نذر لأحد أصليه، فلا يصح نذره، وهذا بناء على ما جرى عليه المؤلف تبعا لجمع من أن النذر لأحد أصوله مكروه، وهو لا يصح نذره.
أما على المعتمد من أن محل عدم الصحة في المكروه لذاته فقط، فيصح، لأن هذا مكروه لعارض، وهو خشية العقوق من الباقي.
وقوله: أو فروعه معطوف على أصليه، فلفظ أحد: مسلط عليها أي أو لغير أحد فروعه وخرج به ما لو نذر لأحد فروعه، فإنه لا يصح هذا أيضا، بناء على ما جرى عليه المؤلف من أن النذر لأحد فروعه مكروه، وهو لا يصح نذره.
أما على المعتمد فيصح نذره كما سبق وجرى في التحفة على المعتمد في هذه وفيما قبلها ورد ما جرى عليه جمع، وقد تقدم لفظها عند قول شارحنا: وكالمعصية المكروه.
وقوله: من ورثته بيان لغير من ذكر، ودخل في الورثة جميع الحواشي كالإخوة والأعمام ودخل أيضا النذر لجميع أصوله، أو لجميع فروعه، فإنه يصح بالاتفاق، وذلك لأن المنفي هو أحد الأصول أو أحد الفروع فقط، فغير هذا الأحد صادق بجميع ما ذكر.
وقوله: بماله متعلق بنذر.
وقوله: قبل مرض موته متعلق بنذر أيضا.
وخرج به ما إذا كان النذر في مرض موته، فإنه لا يصح نذره في الزائد على الثلث، إلا إن أجاز بقية الورثة، وذلك لأن التبرعات المنجزة في مرض الموت تصح في الثلث فقط، ولا تصح في الزائد عليه إلا إن أجاز بقية الورثة.
(قوله: ملكه كله) أي ملك المنذور له المال كله.
وقوله: من غير مشارك أي من غير أن أحدا من الورثة الباقين يشاركه فيه، بل يختص به.
(قوله: لزوال ملكه) أي الناذر من قبل مرض الموت.
وقوله: عنه أي عن ماله كله الذي نذره.
قوله: ولا يجوز للأصل الرجوع فيه انظره مع قوله