الاجماع عليه، وبه يندفع الافتاء المذكور تمسكا بالظواهر.

(والعمرة) وهي لغة: زيادة مكان عامر.

وشرعا: قصد الكعبة للنسك الآتي.

(يجبان) أي الحج والعمرة - ولا يغني عنها الحج وإن اشتمل عليها.

وخبر: سئل (ص) عن العمرة، أواجبة هي؟ قال: لا ضعيف اتفاقا، وإن صححه الترمذي.

(على) كل مسلم، (مكلف) أي بالغ، عاقل، (حر): فلا يجبان على صبي ومجنون،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

إلا برضاه.

(قوله: ونقل الإجماع عليه) أي على الثاني.

وفي نقل الإجماع نظر، كما تقدم عن باعشن.

(قوله: وبه

يندفع) أي وبالإجماع يندفع الإفتاء المذكور.

أي بشموله للتبعات.

(وقوله: تمسكا بالظواهر) علة الإفتاء.

(قوله: والعمرة) بالجر، عطف على الحج.

أي باب في بيان الحج وبيان العمرة، وهي بضم العين مع ضم الميم وإسكانها، وبفتح العين وإسكانها.

(قوله: وهي لغة: زيارة مكان عامر) أي ولذلك سميت عمرة.

وقيل سميت بها لأنها تفعل في العمر كله.

(قوله: وشرعا: قصد الكعبة إلخ) وقيل نفس الأعمال الآتية - كما تقدم في الحج - (وقوله: للنسك الآتي) أي الأعمال الآتية، من إحرام، وطواف، وسعي، وحلق - أو تقصير -.

(فإن قلت): كلامه يقتضي اتحاد الحج والعمرة، إذ كل منهما قصد الكعبة للنسك.

(قلت) لا، لأن تقييده في تعريف كل بلفظ الآتي يدفع الاتحاد، إذ النسك الآتي في تعريف الحج غير النسك الآتي في تعريف العمرة، فما وعد بإتيانه في كل تعريف يخرج الآخر.

(قوله: يجبان إلخ) أي وجوبا عينيا على من ذكر.

أما الحج فإجماعا، بل معلوم من الدين بالضرورة، ومن أركان الإسلام.

وأما العمرة فعلى الأظهر، لما صح: عن عائشة رضي الله عنها، قالت: يا رسول الله: هل على النساء جهاد؟ قال: نعم.

جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة.

ويجبان أيضا - وجوبا كفائيا - كل سنة لإحياء الكعبة المشرفة على الأحرار البالغين، ولا يسقط بفعل غيرهم، وقيل يسقط، قياسا على الجهاد وصلاة الجنازة.

ويسنان من الأرقاء والصبيان والمجانين.

(واعلم) أن لهما خمس مراتب: صحة مطلقا - أي لم تقيد بمباشرة وغيرها - وصحة مباشرة، ووقوع عن النذر، ووقوع عن حجة الإسلام، وصحة وجوب.

ولكل مرتبة شروط.

واقتصر المؤلف - رحمه الله تعالى - على شروط مرتبة الوجوب - فيشترط للأولى: الوقت، والإسلام.

فلولي المال أن يحرم عن الصغير - كما سيأتي -.

ويشترط للثانية معهما: التمييز، ومعرفة الكيفية، والعلم بالأعمال.

بأن يأتي بها عالما أنه يفعلها عن النسك.

ويشترط للثالثة مع ما ذكر: البلوغ، والعقل، وإن لم يكن حرا فيصح نذر الرقيق الحج.

ويشترط للرابعة مع ذكر: الحرية، وإن لم يكن مستطيعا، فلو تكلف الفقير وحج حجة الإسلام صح، ووقع عنها.

ويشترط للخامسة مع ما ذكر: الاستطاعة.

(قوله: ولا يغني عنها الحج) أي لا يقوم مقام العمرة الحج، لأن كلا أصل قصد منه ما لم يقصد من الآخر - ألا ترى أن لها مواقيت غير مواقيت الحج، وزمنا غير زمن الحج؟ وحينئذ فلا يشكل بإجزاء الغسل عن الوضوء، لأن كل ما قصد به الوضوء موجود في الغسل.

اه.

تحفة.

(قوله: وإن اشتمل) أي الحج.

(وقوله: عليها) أي العمرة.

وذلك لأن أركان العمرة هي أركان الحج، ما عدا الوقوف.

والغاية لعدم الاستغناء بالحج عنها.

(قوله: وخبر) مبتدأ.

مضاف إلى جملة سئل إلخ إضافة بيانية.

(قوله: ضعيف) خبر المبتدأ.

(وقوله: اتفاقا) أي أن ضعفه ثابت باتفاق الحفاظ.

(قوله:

وإن صححه الترمذي) أي فلا يغتر بقوله.

وعبارة المغني: وأما خبر الترمذي عن جابر سئل إلخ، فضعيف.

قال في المجموع: اتفق الحفاظ على ضعفه، ولا يغتر بقول الترمذي فيه حسن صحيح.

وقال ابن حزم إنه باطل.

قال أصحابنا: ولو صح، لم يلزم منه عدم وجوبها مطلقا، لاحتمال أن المراد ليست واجبة على السائل لعدم استطاعته.

اه.

(قوله: على كل مسلم) قيد أول خرج به الكافر الأصلي، فلا يجبان عليه وجوب مطالبة بهما في الدنيا، حتى لو أسلم وهو معسر بعد استطاعته في الكفر، فإنه لا أثر لها.

أما المرتد، فيخاطب بهما في ردته، حتى لو استطاع ثم أسلم لزمه الحج، وإن افتقر.

فإن أخره حتى مات حج عنه من تركته - هذا إذا أسلم، فإن لم يسلم ومات على ردته: لا يقضيان عنه.

وكما لا يجبان على الكافر، لا يصحان منه، ولا عنه، لعدم أهليته للعبادة.

(قوله: مكلف) صفة لمسلم، وهو قيد ثان.

(قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015