والصلاة أفضل منه، خلافا للقاضي.
وفرض في السنة السادسة على الاصح، حج (ص) قبل النبوة وبعدها وقبل الهجرة حججا لا يدرى عددها،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(قوله: والصلاة أفضل منه) أي من الحج.
أي ومن غيره من سائر عبادات البدن، وذلك لخبر الصحيحين: أي الأعمال أفضل؟ فقال: الصلاة لوقتها.
قال حجر: ولا بدع أن يخص قولهم: أفضل عبادات البدن الصلاة بغير العلم.
وقيل الصوم أفضل، لخبر الصحيحين: قال الله تعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به.
ورد ذلك بأن الصلاة تجمع ما في سائر العبادات، وتزيد عليها بوجوب الاستقبال، ومنع الكلام والمشي وغيرهما، ولأنها لا تسقط بحال، ويقتل تاركها، بخلاف غيرها.
وقال ابن أبي عصرون: الجهاد أفضل.
(وقوله: خلافا للقاضي) أي فإنه قال إن الحج أفضل منها، أي ومن غيرها من سائر العبادات، أي لاشتماله على المال والبدن، ولأنا دعينا إليه ونحن في الأصلاب، كما أخذ علينا العهد بالإيمان حينئذ.
ولأن الحج يجمع معاني العبادات كلها، فمن حج فكأنما صام، وصلى، واعتكف، وزكى، ورابط في سبيل الله، وغزا - كما قاله الحليمي -.
قال العلامة عبد الرؤوف: والظاهر أن قول القاضي هو أفضل: مفروض في غير العلم.
اه.
وحاصل المعتمد أن الأفضل مطلقا: اكتساب معرفة الله تعالى، بأن يقصد إلى النظر، وينظر في الآيات الدالة على وجوده تعالى، وعظيم قدرته، واتساع علمه في السموات والأرض وغيرهما مما يحصل به القطع بأن لا موجد لها سواه - كما قال البرعي رضي الله عنه: شهدت غرائب صنعه بوجوده * * لولاه ما شهدت به لولاه سل عنه ذرات الوجود فإنها * * تدعوه مفهوماتها رباه ثم العلم العيني وهو ما به صحة العمل، ثم فرض العين من غيره، وأفضله - على مذهب الجمهور - الصلاة.
قال الونائي ثم الصوم، ثم الحج، ثم العمرة، ثم الزكاة، ثم فرض الكفاية من العلم: وهو ما زاد على تصحيح العمل حتى يبلغ درجة الاجتهاد المطلق، ثم فرض الكفاية من غيره، ثم نقل العلم: وهو ما زاد على الاجتهاد المطلق.
(قوله: وفرض في السنة السادسة) قال في النهاية - كما صححاه في السير، ونقله في المجموع عن الأصحاب - وجزم الرافعي هنا بأنه سنة خمس، وجمع بين الكلامين بأن الفريضة قد تنزل ويتأخر الإيجاب على الأمة، وهذا كقوله تعالى: * (قد أفلح من تزكى) * (?) فإنا آية مكية، وصدقة الفطر مدنية.
اه.
(قوله: وحج - صلى الله عليه وسلم - إلخ) وكذلك اعتمر - صلى الله عليه وسلم - قبلها عمرا لا يدري عددها، وأما بعدها: فعمرة في رجب - كما قاله ابن عمر، وإن أنكرته عائشة، لأنه مثبت - وثلاثا - بل أربعا - في ذي القعدة: لأنه في حجة الوداع، كان في آخر أمره قارنا، وعمرة في شوال - كما صح في أبي داود - وعمرة في رمضان - كما في البيهقي، كذا في عبد الرؤوف.
(قوله: حججا لا يدرى عددها) قال في التحفة: وتسمية هذه حججا إنما هو باعتبار الصورة، إذ لم تكن على قوانين الحج الشرعي باعتبار ما كانوا يفعلونه من النسئ وغيره، بل قيل في حجة أبي بكر في التاسعة ذلك، لكن الوجه خلافه، لانه - صلى الله عليه وسلم - لا يأمر إلا بحج شرعي، وكذا يقال في الثامنة التي أمر فيها عتاب بن أسيد أمير مكة، وبعدها حجة الوداع لا غير.
اه.
وكتب ابن سم ما نصه: قوله: وتسمية هذه حججا: إنما هو باعتبار الصورة أقول: قضية صنيعه أن حجه عليه الصلاة والسلام بعد النبوة قبل الهجرة لم يكن حجا شرعيا، وهو مشكل جدا.
اه.