شاع الخبر بين الناس برؤية الهلال ولم يثبت، وكذ بعد نصف شعبان، ما لم يصله بما قبله، أو لم يوافق عادته، أو لم يكن عن نذر أو قضاء، ولو عن نفل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويحرم صومها، ولو لتمتع عادم للهدي، لعموم النهي عنه.
وفي القديم: له صيامها عن الثلاثة الواجبة في الحج.
وقوله: والعيدين: أي عيد الفطر، وعيد الأضحى.
والأصل في حرمة صومهما: الإجماع المستند إلى نهي الشارع - صلى الله عليه وسلم - في خبر الصحيحين.
(قوله: وكذا يوم الشك) أي وكذلك يحرم صيام يوم الشك، لقول عمار بن ياسر: من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -.
رواه الترمذي وغيره، وصححوه.
قيل: والمعنى فيه القوة على صوم رمضان.
وضعفه السبكي بعدم كراهة صوم شعبان.
ويرد بأن إدمان الصوم يقوي النفس عليه، وليس في صوم شعبان إضعاف، بل تقوية، بخلاف صوم يوم ونحوه، فإنه يضعف النفس عما بعده، فيكون فيه افتتاح للعبادة مع كسل وضعف.
اه.
نهاية.
وما ذكر من تحريم صوم يوم الشك، هو المعتمد في المذهب.
وقيل يكره كراهة تنزيه.
قال الأسنوي: وهو المعروف المنصوص الذي عليه الأكثرون.
وفي البجيرمي ما نصه: (إن قلت) ما فائدة تنصيصهم على كراهة صوم يوم الشك أو حرمته مع أنه من جملة النصف الثاني من شعبان وهو محرم؟ (أجيب) بأن فائدته معرفة حقيقة يوم الشك حتى يرجع إليه لو علق به طلاقا أو عتقا.
وبيان أن صومه مكروه أو حرام، لشيئين: كونه يوم الشك وكونه بعد النصف، فيكون النهي فيه أعظم منه فيما قبله.
اه.
(قوله: لغير ورد) أي عادة، وتثبت بمرة.
فإن صامه لذلك، كأن كان يعتاد صوم الدهر أو صوم يوم وفطر يوم، أو
صوم يوم معين - كالاثنين - فصادف يوم الشك فلا يحرم.
ومثل الورد: ما لو صامه عن نذر مستقر في ذمته أو عن قضاء لنفل أو فرض أو كفارة، فلا يحرم.
(قوله: وهو يوم الخ) بيان لضابط يوم الشك.
(قوله: وقد شاع الخبر بين الناس برؤية الهلال) أما إذا لم يشع بين الناس: فليس اليوم يوم الشك بل هو من شعبان، وإن أطبق الغيم.
(وقوله: ولم يثبت) - أي الهلال - عند الحاكم لكونه لم يشهد بالرؤية أحد، أو شهد بها صبيان أو نساء، أو عبيد، أو فسقة.
(قوله: وكذا بعد نصف شعبان) أي وكذلك يحرم الصوم بعد نصف شعبان لما صح من قوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا.
(قوله: ما لم يصله بما قبله) أي محل الحرمة ما لم يصل صوم ما بعد النصف بما قبله، فإن وصله به ولو بيوم النصف، بأن صام خامس عشره وتالييه واستمر إلى آخر الشهر، فلا حرمة.
(قوله: أو لم يوافق عادته) أي ومحل الحرمة أيضا ما لم يوافق صومه عادة له في الصوم، فإن وافقها - كأن كان يعتاد صوم يوم معين كالاثنين والخميس - فلا حرمة.
(قوله: أو لم يكن عن نذر الخ) أي: ومحل الحرمة أيضا: ما لم يكن صومه عن نذر مستقر في ذمته، أو قضاء، ولو كان القضاء لنفل، أو كفارة، فإن كان كذلك، فلا حرمة، وذلك لخبر الصحيحين: لا تقدموا - أي لا تتقدموا - رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم يوما ويفطر يوما فليصمه.
وقيس بما في الحديث من العادة: النذر، والقضاء، والكفارة - بجامع السبب -.
والله سبحانه وتعالى أعلم.