صوم فيها، فهي كالتحية، فإن نوى التطوع أيضا، حصلا، وإلا سقط عنه الطلب.
(فرع) أفضل الشهور للصوم بعد رمضان: الاشهر الحرم.
وأفضلها المحرم، ثم رجب، ثم الحجة، ثم القعدة، ثم شهر شعبان.
وصوم تسع ذي الحجة أفضل من صوم عشر المحرم اللذين يندب صومهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حصل - أولا - لأن صحة نية الصائم صوما آخر بعيدة -؟ كل محتمل.
اه.
(قوله: وجود صوم فيها) أي في هذه الأيام عرفة وما بعده.
(قوله: فهي) أي هذه الأيام.
أي صومها.
ولا بد من تقدير هذا المضاف ليصح التشبيه بالتحية.
(وقوله: كالتحية) أي فإنها تحصل بفرض أو نفل غيرها.
لأن القصد شغل البقعة بالطاعة، وقد وجدت.
(قوله: فإن نوى التطوع أيضا) أي كما أنه نوى الفرض.
(وقوله: حصلا) أي التطوع والفرض، أي ثوابهما.
(قوله: وإلا) أي وإن لم ينو التطوع، بل نوى الفرض فقط.
(وقوله: سقط عنه الطلب) أي بالتطوع، لاندراجه في الفرض.
(تنبيه) اعلم أنه قد يوجد للصوم سببان: كوقوع عرفة أو عاشوراء يوم اثنين أو خميس، أو وقوع اثنين أو خميس في ستة شوال، فيزداد تأكده رعاية لوجود السببين، فإن نواهما: حصلا - كالصدقة على القريب، صدقة وصلة - وكذا لو نوى أحدهما - فيما يظهر -.
(وقوله: أفضل الشهور إلخ) قد نظم ذلك بعضهم بقوله:
وأفضل الشهور بالإطلاق: * * شهر الصيام، فهو ذو السباق فشهر ربنا هو المحرم * * فرجب، فالحجة المعظم فقعدة، فبعده شعبان * * وكل ذا جاء به البيان (قوله: الأشهر الحرم) هي أربعة: ثلاثة منها سرد، وهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم، وواحد منها فرد وهو رجب.
وإنما كان الصوم فيها أفضل، لخبر أبي داود وغيره: صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك.
وإنما أمر المخاطب بالترك لأنه كان يشق عليه إكثار الصوم، كما جاء التصريح به في الخبر.
أما من لا يشق عليه، فصوم جميعها له فضيلة.
اه.
شرح الروض.
وإنما سميت حرما: لأن العرب كانت تتحرمها وتعظمها، وتحرم فيها القتال، حتى أن أحدهم لو لقي قاتل أبيه أو ابنه أو أخيه في هذه الأشهر لم يزعجه، وكان القتال فيها محرما في صدر الإسلام، ثم نسخ بقوله تعالى: * (فاقتلوهم حيث وجدتموهم) * (?).
(قوله: وأفضلها) أي الأشهر الحرم المحرم - لخبر مسلم: أفضل الصوم بعد رمضان شهر الله المحرم وإنما سمي محرما: لتحريم الجنة فيه على إبليس.
(قوله: ثم رجب) هو مشتق من الترجيب، وهو التعظيم، لأن العرب كانت تعظمه زيادة على غيره.
ويسمى الأصب: لانصاب الخير فيه.
والأصم: لعدم سماع قعقعة السلاح فيه.
ويسمى رجم - بالميم - لرجم الأعداء والشياطين فيه حتى لا يؤذوا الأولياء والصالحين.
(قوله: ثم الحجة ثم القعدة) بعضهم قدم القعدة على الحجة، لكن المعتمد تقديم الحجة، فهو أفضل، لوقوع الحج فيه، ولاشتماله على يوم عرفة.
والأفصح: فتح قاف القعدة، وكسر حاء الحجة.
وقد نظم ذلك بعضهم فقال: وفتح قاف قعدة قد صححوا * * وكسر حاء حجة قد رجحوا وسميا بذلك: لوقوع الحج في الأول، وللقعود عن القتال في الثاني.
(قوله: ثم شهر شعبان) أي ثم بعد الأشهر الحرم شهر شعبان، لخبر الصحيحين: عن عائشة رضي الله عنها: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان.
(واعلم) أن الأفصح ترك إضافة لفظ شهر إلى شعبان، وكذا بقية الأشهر ما عدا ثلاثة: رمضان، وربيع أول، وربيع ثان.
وقد أشار إلى ذلك بعضهم في قوله: