فصل
(في صوم التطوع) وله من الفضائل والمثوبة ما لا يحصيه إلا الله تعالى، ومن ثم، أضافه تعالى إليه دون غيره من العبادات، فقال: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به.
وفي الصحيحين: من صام يوما في سبيل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في صوم التطوع أي في بيان حكمه، وهو الاستحباب.
وكان الأنسب ذكره قبل الاعتكاف - كما صنع غيره.
(واعلم) أن صوم التطوع ثلاثة أقسام: قسم يتكرر بتكرر السنة - كصوم يوم عرفة، وعاشوراء، وتاسوعاء - وقسم يتكرر بتكرر الأسبوع - كالاثنين، والخميس -.
وقسم يتكرر بتكرر الشهور - كالأيام البيض -.
كما يعلم من كلامه.
والتطوع شرعا: التقرب إلى الله تعالى بما ليس بفرض من العبادات.
والصوم من أبلع الأشياء في رياضة النفس، وكسر الشهوة، واستنارة القلب، وتأديب الجوارح وتقويمها وتنشيطها للعبادة.
وفيه الثواب العظيم، والجزاء الكريم الذي لا نهاية له، و: للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه.
و: لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
ومن أجل هذا الخلوف ومكانته عند الله، كره الاستياك للصائم بعد الزوال حتى يفطر - كما تقدم.
(قوله: وله) أي الصوم.
(وقوله: من الفضائل) بيان لما مقدم عليها.
(وقوله: والمثوبة) مصدر بمعنى الثواب.
وفي حاشية الجمل - نقلا عن السمين - ما نصه: المثوبة فيها قولان: أحدهما أن وزنها مفعولة، والأصل مثوبة - بواوين - فنقلت الضمة التي على الواو الأولى إلى الساكن قبلها، فالتقى ساكنان، فحذف أولهما - الذي هو عين الكلمة - فصار مثوبة، على وزن مفولة، كمحوزة، وقد جاءت مصادر على مفعول، كالمعقول، فهي مصدر - نقل ذلك الواحدي.
والثاني: أنها مفعلة بضم العين، وإنما نقلت الضمة منها إلى الثاء.
اه.
(قوله: ومن ثم أضافه) أي ومن أجل أن له من الفضائل إلخ أضافه الله إليه في الحديث القدسي، فقال: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به.
يدع طعامه وشرابه من أجلي.
واختلفوا في معنى تخصيصه بكونه له، على أقوال تزيد على خمسين: منها - كما قاله م ر - كونه أبعد عن الرياء من غيره.
ومنها ما نقل عن سفيان بن عيينة أن يوم القيامة تتعلق خصماء المرء بجميع أعماله إلا الصوم فإنه لا سبيل لهم عليه، فإنه إذا لم يبق إلا الصوم، يتحمل الله تعالى ما بقي من المظالم، ويدخله بالصوم الجنة، وهذا مردود، والصحيح تعلق الغرماء به - كسائر الأعمال - وفي البجيرمي: وعبارة عبد البر نصها: في الحديث القدسي وهو قوله كل عمل إلخ، فإضافته تعالى إليه إضافة تشريف وتكريم، كما قال تعالى: * (ناقة الله) * مع أن العالم كله لله.
وقيفل لأنه لم يعبد غيره به، فلم تعظم الكفار في عصر من الأعصار معبوداتهم بالصيام، وإن كانوا يعظمونهم بصورة الصلاة والسجود وغيرهما.
وقيل لأن الصيام بعيد عن الرياء، لخفائه، بخلاف الصلاة والغزو وغير ذلك من العبادات
الظاهرة.
وقيل لأن الاستغناء عن الطعام وغيره من الشهوات من صفات الرب، فلما تقرب الصائم إليه بما يوافق صفاته أضافه إليه.
اه.
بحذف.
(قوله: في سبيل الله) أي في الجهاد - كما هو الغالب في إطلاقه.
وقال ع ش: يمكن حمل