شعبان ثلاثين يوما، أو رؤية عدل واحد، ولو مستورا هلاله بعد الغروب، إذا شهد بها عند القاضي، ولو مع إطباق غيم، بلفظ: أشهد أني رأيت الهلال، أو أنه هل.
ولا يكفي: قوله: أشهد أن غدا من رمضان.
ولا يقبل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المصدوق نبينا محمدا - صلى الله عليه وسلم -.
وواجبا على النصارى أيضا لكنهم بعد أن صاموه زمنا طويلا صادفوا فيه الحر الشديد، وكان يشق عليهم في أسفارهم ومعايشهم، فاجتمع رأي علمائهم ورؤسائهم أن يجعلوه في فصل الربيع لعدم تغيره، وزادوا فيه
عشرة أيام كفارة لما صنعوا، فصار أربعين.
ثم إن ملكا مرض فجعل لله تعالى - أن هو برئ - أن يصوم أسبوعا، فبرئ، فزاده أسبوعا، ثم جاء بعد ذلك ملك، فقال: ما هذه الثلاثة؟ فأتم خمسين - أي أنه زاد الثلاثة باجتهاد منه - وهذا معنى قوله تعالى * (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) * (?) والمعتمد الأول، وهو أنه لم يجب خصوص رمضان إلا على هذه الأمة، وأما الواجب على الأمم السابقة فصوم آخر.
(قوله: ومن المعلوم من الدين بالضرورة) أي وهو من المعلوم من أدلة الدين علما يشبه الضروري، فيكفر جاحد وجوبه.
(قوله: يجب صوم شهر رمضان) الأصل في وجوبه قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون.
أياما معدودات) * (?) والأيام المعدودات أيام شهر رمضان، وجمعها جمع قلة ليهونها، وقوله تعالى * (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) * (?).
(قوله: بكمال شعبان ثلاثين) متعلق بيجب أي يجب باستكمال شعبان ثلاثين يوما إن لم ير هلال رمضان، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما.
وفي التحفة: قال الدارمي: ومن رأى هلال شعبان ولم يثبت.
ثبت رمضان باستكماله ثلاثين من رؤيته، لكن بالنسبة لنفسه فقط.
اه.
(قوله: أو رؤية عدل واحد) معطوف على كمال.
أي ويجب صوم رمضان برؤية عدل واحد الهلال، لأن ابن عمر رضي الله عنهما رآه، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصام وأمر الناس بصيامه.
رواه أبو داود وصححه ابن حبان.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت هلال رمضان.
فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم.
قال: تشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم.
قال: يا بلال أذن في الناس فليصوموا.
صححه ابن حبان والحاكم.
والمعنى في ثبوته بالواحد: الاحتياط للصوم، ولأن الصوم عبادة بدنية، فيكفي في الإخبار بدخول وقتها واحد، والمراد بالعدل عدل الشهادة لا الرواية، فلا يكفي عبد وامرأة وفاسق، لكن لا يشترط فيه العدالة الباطنة، وهي التي التي يرجع فيها إلى قول المزكين، بل يكفي كونه مستور - كما سيذكره - وهو من ظاهره التقوى ولم يعدل.
قال في التحفة: ومحل ثبوته بعدل إنما هو في الصوم وتوابعه كالتراويح والاعتكاف دون نحو طلاق علق به.
نعم، إن تعلق بالرائي عومل به، وكذا إن تأخر التعليق عن ثبوته بعدل.
اه.
وفي مغني الخطيب ما نصه: (فرع) لو شهد برؤية الهلال واحد أو اثنان واقتضى الحساب عدم إمكان رؤيته.
قال السبكي: لا تقبل هذه الشهادة، لأن الحساب قطعي والشهادة ظنية، والظن لا يعارض القطع.
وأطال في بيان رد هذه الشهادة، والمعتمد قبولها، إذ لا عبرة بقول الحساب.
اه.
وفصل في التحفة فقال: الذي يتجه أن الحساب إن اتفق أهله على أن مقدماته قطعية وكان المخبرون منهم بذلك عدد التواتر، ردت الشهادة، وإلا فلا.
اه.
(قوله: ولو مستورا) أي ولو كان ذلك العدل مستورا، وهو الذي لم يعرف له مفسق ولم يزك، ويسمى هذا عدلا ظاهرا، ولا ينافي هذا ما مر من أنه يشترط فيه أن يكون عدل شهادة، لا رواية، لأنهم سامحوا في ذلك، كما سامحوا في العدد احتياطا.
(قوله: هلاله) مفعول رؤية.
(وقوله: بعد الغروب) متعلق برؤية.
أي يشترط أن تكون الرؤية بعد الغروب، فلا أثر لرؤيته نهارا.
فلو رؤي يوم الثلاثين من شعبان لا نمسك، ولو رؤي يوم الثلاثين من رمضان لا نفطر.
(قوله: إذا شهد بها الخ) هذا شرط بالنسبة لثبوته عموما، وأما بالنسبة لنفسه أو لمن صدقه فلا يشترط فيه ذلك كما هو ظاهر.
ولو قال - كما في المنهج وشرحه - أو رؤية الهلال في حق من رآه وإن كان فاسقا، أو ثبوتها في حق من لم يره بعدل شهادة.
لكان أولى وأخصر.
(وقوله: عند القاضي) أي أو نائبه.
(قوله: ولو مع إطباق غيم) المناسب جعله غاية لمقدر.
أي يثبت الهلال بشهادة عدل عند القاضي برؤيته، ولو كانت السماء مطبقة بالغيم والمراد إطباق لا يحيل الرؤية عادة، وإلا فلا يثبت بها.