ما أخذناه من دارهم اختلاسا، أو سرقة - على الاصح - خلافا للغزالي وإمامه: حيث قالا إنه مختص بالآخذ بلا تخميس، وادعى ابن الرفعة الاجماع عليه، ومن الثاني: جزية وعشر تجارة وتركة مرتد، ويبدأ في الغنيمة

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والغنيمة: فعيلة بمعنى مفعولة، من الغنم، وهو الربح.

والفئ: مصدر فاء: إذا رجع.

ثم استعملا في المال المأخوذ من الكفار.

والمشهور تغايرهما - كما هو صريح كلام الشارح - وقيل كل منهما يطلق على الآخر إذا أفرد، فإن جمع بينهما افترقا - كالفقير والمسكين.

والأصل فيهما آية: * (ما أفاء الله على رسوله) * (1) وآية: * (واعلموا أنما غنمتم من شئ) * (?) ولم تحل الغنائم لأحد قبل الإسلام، بل كانت الأنبياء إذا غنموا مالا جمعوه، فتأتي نار من السماء تأخذه.

ثم أحلت للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت في صدر الإسلام له خاصة، لأنه كالمقاتلين: كلهم نصرة وشجاعة، بل أعظم، ثم نسخ ذلك، واستقر الأمر على ما يأتي.

(قوله: ما أخذناه) أي معاشر المسلمين، وهو قيد أول خرج به ما أخذه الذميون من أهل الحرب، فإنه ليس بغنيمة.

(وقوله: من أهل حرب) متعلق بأخذناه، وهو قيد ثان، خرج به ما أخذناه من الذميين، وما أخذناه ممن لم تبلغه الدعوة أصلا، أو دعوة نبينا، وكان متمسكا بدين حق، فهو ليس بغنيمة، ومالهم يرد إليهم.

وخرج به أيضا، ما أخذناه من المرتدين فإنه فئ، وليس بغنيمة.

وقيد بعضهم أهل الحرب بكونهم أصليين، وأخرج به المرتدين، ولا حاجة إليه، لأن المراد من أهل الحرب من كانوا أصليين.

(قوله: قهرا) صفة لموصوف محذوف، أي أخذا قهرا بأن كان بإيجاف - أي إسراع خيل، أو بغال، أو إبل، أو سفن - وهو قيد ثالث، خرج به ما أخذناه منهم صلحا فهو فئ - كما سيأتي - وأسقط قيدا رابعا وهو: أن يكون المال الذي أخذناه منهم ملكا لهم.

وخرج به ما إذا لم يكن كذلك كأن أخذه أهل الحرب من

المسلمين قهرا ثم أخذناه منهم، فيجب رده لمالكه.

(والحاصل) أن الغنيمة هي مال أو اختصاص أخذه المسلمون من كفار أصليين حربيين مالكين له قهرا، أي بقتال أو إيجاف لنحو خيل أو إبل.

(قوله: وإلا) أي وإن لم نأخذه من أهل الحرب قهرا، بأن أخذناه من غيرهم، أو أخذناه منهم لا قهرا.

فالأول: كالجزية المأخوذة من الذميين، وكالمال المأخوذ من المرتدين.

والثاني: كالذي صالحونا عليه.

(وقوله: فهو فئ) أي فما أخذناه ممن ذكر هو فئ.

والجملة جواب الشرط.

(قوله: ومن الأول) أي الغنيمة.

(قوله: ما أخذناه الخ) فيه أن التعريف السابق للغنيمة لا يشمل ما ذكر، لأن المراد بالقهر ما كان بقتال وإيجاف خيل أو إبل، وهذا ليس كذلك.

ويمكن أن يقال: المراد بالقهر ما يشمل الحقيقي والتنزيلي، وهذا من الثاني، لأنه لما خاطر بنفسه ودخل دارهم على هذا الوجه ينزل منزلة القهر بالقتال ونحوه.

(وقوله: من دارهم) أي الحربيين، وهو ليس بقيد، فمثله ما أخذناه منهم بدارنا، حيث لا أمان لهم.

(وقوله: اختلاسا) هو الاختطاف بسرعة على غفلة، سواء كان من حرز مثله أم لا.

(وقوله: أو سرقة) هي لغة: أخذ المال خفية.

وشرعا: أخذه خفية من حرز مثله.

فهو أخص من الاختلاس.

(قوله: على الأصح) متعلق بما تعلق به قوله ومن الأول، أي أن كونه من الأول مبني على الأصح.

قال في التحفة: لأن تغريره بنفسه قائم مقام القتال، ومن ثم لو أخذ سوما ثم هرب أو جحده: اختص به.

ويوجه بأنه لما لم يكن فيه تغرير لم يكن في معنى الغنيمة.

(قوله: خلافا لغزالي إلخ) بيان لمقابل الأصح.

(قوله: وإمامه) أي إمام الغزالي.

أي شيخه - وهو إمام الحرمين -.

(قوله: حيث قالا) أي الغزالي والإمام.

(قوله: أنه) أي ما أخذناه من دارهم اختلاسا أو سرقة.

(قوله: بلا تخميس) ذكره تأكيد، وإلا فيعلم من كونه مختصا بالآخذ أنه لا يخمس.

(قوله: الإجماع عليه) أي على ما قالاه من أنه مختص بالآخذ.

(قوله: من الثاني) أي الفئ.

(قوله: جزية) هي ما أخذت من أهل الذمة في مقابلة كفنا عن قتالهم، وإقرارهم بدارنا.

ومثلها: الخراج، وهو ضرب على الأرض، صالحونا على أنها لنا ويسكنونها بشئ معلوم، فهو حينئذ أجرة لا يسقط بإسلامهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015