يكفيه الكفاية السابقة، وإن ملك أكثر من نصاب، حتى أن للامام، أن يأخذ زكاته ويدفعها إليه فيعطى كل منهما - إن تعود تجارة - رأس مال يكفيه ربحه غالبا، أو حرفة آلتها.

ومن لم يحسن حرفة ولا تجارة يعطى كفاية العمر الغالب.

وصدق مدعي فقر، ومسكنة، وعجز عن كسب - ولو قويا جلدا - بلا يمين، لا مدعي تلف مال عرف بلا بينة.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

يقع) أي أحدهما المال أو الكسب، أو مجموعهما.

ومعنى كونه يقع موقعا من كفايته: أنه يسد مسدا بحيث يبلغ النصف فأكثر.

قال ابن رسلان في زبده: فقير العادم والمسكين له * * ما يقع الموقع دون تكمله (وقوله: ولا يكفيه) أي والحال أنه لا يكفيه ما ذكر من المال أو الكسب أو مجموعهما.

وخرج به من قدر على مال أو كسب يكفيه، فإنه غني، لا يجوز له أخذ الزكاة.

(قوله: كمن يحتاج إلخ) تمثيل للمسكين.

(قوله: وعنده ثمانية) أي أو يكتسب كل يوم ثمانية.

أو يكون مجموع المال والكسب كذلك.

ومثل الثمانية: السبعة، والستة، والخمسة.

(قوله: ولا يكفيه) الأوليى ولا تكفيه - بالتاء - إذ فاعله يعود على الثمانية، وهي مؤنثة.

ولو أسقطه لكان أخصر، لأنه معلوم من

تعبيره بالاحتياج إلى العشرة ومن جعله مثالا للمسكين الذي ضبطه بما مر.

(وقوله: الكفاية السابقة) وهي كفايته، وكفاية ممونة.

(قوله: وإن ملك أكثر من نصاب) غاية لقوله والمسكين من قدر الخ.

أي إن من قدر على ما ذكر من غير كفاية يكون مسكينا، وإن ملك أكثر من نصاب.

ومن ثم قال في الإحياء: قد يملك ألفا وهو فقير، وقد لا يملك إلا فأسا وحبلا وهو غني، كالذي يكتسب كل يوم كفايته.

وفي التحفة ما نصه: (تنبيه) علم مما تقرر أن الفقير أسوأ حالا من المسكين.

وعكس أبو حنيفة، ورد بأنه - صلى الله عليه وسلم - استعاذ من الفقر، وسأل المسكنة بقوله: اللهم أحيني مسكينا، الحديث.

ولا رد فيه، لأن الفقر المستعاذ منه فقر القلب، والمسكنة المسؤولة سكونه وتواضعه وطمأنينته.

على أن حديثها ضعيف ومعارض بما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - استعاذ منها.

لكن أجيب بأنه إنما استعاذ من فتنتها، كما استعاذ من فتنتي الفقر والغنى دون وصفيهما لأنهما تعاوراه، فكان خاتمه أمره غنيا بما أفاء الله عليه.

وإنما الذي يرد عليه ما نقله في المجموع عن خلائق من أهل اللغة مثل ما قلناه.

اه.

(واعلم) أن ما لا يمنع الفقر مما تقدم لا يمنع المسكنة أيضا - كما مر التنبيه عليه - ومما لا يمنعهما أيضا: اشتغاله عن كسب يحسنه بحفظ القرآن، أو بالفقه، أو بالتفسير، أو الحديث.

أو ما كان آلة لذلك وكان يتأتى منه ذلك فيعطى ليتفرغ لتحصيله لعموم نفعه وتعديه، وكونه فرض كفاية.

ومن ثم لم يعط المتنفل بنوافل العبادات وملازمة الخلوات، لأن نفعه قاصر على نفسه.

(قوله: حتى الخ) حتى تفريعية، أي فللإمام الخ.

(قوله: إن يأخذ زكاته) أي المسكين المالك للنصاب.

(وقوله: ويدفعها إليه) أي إلى ذلك المسكين الذي أخذ الإمام منه الزكاة.

(قوله: فيعطى الخ) الفاء واقعة في جواب شرط مقدر، أي إذا علمت أن الفقير والمسكين من الأصناف الثمانية فيعطى إلخ.

(قوله: كل منهما) أي الفقير والمسكين.

(وقوله: إن تعود تجارة) أي اعتاد وصلح لها.

(وقوله: رأس مال) مفعول ثان ليعطى.

(قوله: أو حرفة) أي أو تعود حرفة، فهو معطوف على تجارة.

(وقوله: آلتها) أي يعطى آلتها - أي الحرفة، أي أو ثمنها.

(قوله: يعطى كفاية العمر الغالب) أي بقيته، وهو ستون سنة، وبعدها يعطى سنة سنة - كما في التحفة والنهاية - قال الكردي: وليس المراد بإعطاء من لا يحسن ذلك إعطاء نقد يكفيه تلك المدة، لتعذره، بل ثمن ما يكفيه دخله، فيستري له عقارا، أو نحو ماشية - إن كان من أهلها - يستغله.

اه.

(قوله: وصدق مدعي فقر ومسكنة) مثله - كما سيأتي - مدعي أنه غاز أو ضعيف الإسلام، أو أنه ابن السبيل.

(قوله: عجز عن كسب) معطوف على فقر، أي وصدق مدعي عجز عن كسب.

(وقوله: ولو قويا جلدا) غاية في الأخير.

وفي النهاية: وقول الشارح وحاله

يشهد بصدقه بأن كان شيخا كبيرا، أو زمنا.

جري على الغالب.

اه.

(قوله: بلا يمين) متعلق بصدق، أي صدق مدعي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015