واعلم أن الارز مما يدخر في قشره ولا يؤكل معه، فتجب فيه إن بلغ عشرة أوسق (عشر) للزكاة.
(إن سقي بلا مؤنة) كمطر، (وإلا) أي وإن سقي بمؤنة كنضح (فنصفه) أي نصف العشر.
وسبب التفرقة: ثقل المؤنة في هذا، وخفتها في الاول، سواء أزرع ذلك قصدا، أم نبت اتفاقا - كما في المجموع - حاكيا فيه الاتفاق، وبه يعلم ضعف قول الشيخ زكريا في تحريره تبعا لاصله: يشترط لوجوبها أن يزرعه مالكه أو نائبه، فلا زكاة فيما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في الغالب، فإن كان يؤكل معه في الغالب - كذرة - فلا يعتبر تنقيته منه فيدخل قشره في الحساب وأما غير القوت فيعتبر بلوغه خمسة أوسق حال كونه تمرا إن تتمر الرطب، أو حال كونه زبيبا إن تزبب العنب، وإن لم يتتمر الأول أو لم يتزبب الثاني: فيعتبر ذلك حال كونه رطبا أو عنبا، وتخرج الزكاة منهما في الحال.
(قوله: واعلم أن الأرز) ومثله العلس بفتحتين، وهو نوع من الحنطة.
قال في التحفة: وهو قوت نحو أهل صنعاء في كل كمام حبتان وأكثر.
اه.
(قوله: فتجب) أي الزكاة.
(وقوله: فيه) أي في الأرز، ومثله ما مر.
(قوله: وإن بلغ عشرة أوسق) أي اعتبارا لقشرة الذي ادخاره فيه أصلح له وأبقى بالنصف، وبعد ذلك له أن يخرج الواجب عليه حال كونه في قشره، وله أن يخرجه خالصا لا قشر عليه.
(قوله: عشر للزكاة) انظر موقعه من الإعراب؟ وظاهر صنيعه أنه مبتدأ، والجار والمجرور بعده خبر.
أي عشر يخرج للزكاة.
ويرد عليه أن عشر نكرة، ولا يجوز الابتداء بها، ويمكن على بعد جعل الجار والمجرور صفة له، ويكون هو المسوغ وجملة الشرط بعده خبر المبتدأ، ولو قال - كسابقه - ويجب فيما ذكر عشر إلخ، أو أبقى المتن على ظاهره، ولم يقدر عند قوله وفي قوت المتعلق وهو تجب، لكان أولى وأخصر.
وعليه: يكون الجار والمجرور خبرا مقدما.
وقوله عشر: مبتدأ مؤخرا، ويكون المعنى عليه: والعشر واجب في القوت إن سقي بلا مؤنة.
ثم ظهر صحة جعل بدلا من الضمير المستتر في تجب العائد على الزكاة، بناء على أنه لا يشترط في البدل صحة إحلاله محل المبدل منه، أما على اشتراط ذلك فلا يصح، لأنه يلزمه عليه إسناد المبدوء بتاء الغيبة للاسم الظاهر المذكر، وهو لا يجوز.
ومنع العلامة الصبان - في حاشية الأشموني - إبدال الظاهر من ضمير الغيبة المستتر، وقال: فلا يقال هند أعجبتني جمالها - على الإبدال.
فتنبه.
(قوله: إن سقي) أي ما ذكر من القوت وما عطف عليه.
(قوله: بلا مؤنة) أي بلا مؤنة كثيرة، بأن لم يكن هناك مؤنة أصلا، أو مؤنة قليلة.
ولو سقي بما فيه مؤنة
وغيره وجب القسط من كل، باعتبار عيش الزرع والثمر ونمائها، لا بأكثر المدتين، ولا بعدد السقيات.
فلو كانت المدة من وقت الزرع إلى وقت الإدراك ثمانية أشهر، واحتيج في أربعة منها إلى سقيتين فسقي بالمطر، وفي الأربعة الأخرى إلى سقيتين فسقي بالنضح، وجب ثلاثة أرباع العشر، أو احتاج في ستة منها إلى سقيتين فسقي بماء السماء، وفي شهرين إلى ثلاث سقيات فسقي بالنضح، وجب ثلاثة أرباع العشر، وربع نصف العشر.
(قوله: كمطر) تمثيل لما كان بغير مؤنة، ومثله ماء انصب إليه من جبل، أو نهر، أو عين.
(قوله: أي وإن سقي) الأولى بأن سقي، بباء التصوير.
(قوله: كنضح) أي نقل الماء من محله إلى الزرع بحيوان أو غيره.
(قوله: فنصفه) أي فالواجب نصف العشر.
والأصل فيه - وفيما قبله - خبر البخاري: فيما سقت السماء أو العيون أو كان عثريا، العشر.
وفيما سقي بالنضح، نصف العشر.
(قوله: وسبب التفرقة) أي بين ما سقي بلا مؤنة حيث كان واجبه العشر، وما سقي بمؤنة حيث كان واجبه نصف العشر.
(قوله: ثقل المؤنة في هذا) أي فيما سقي بمؤنة.
(وقوله: وخفتها في الأول) أي فيما سقي بلا مؤنة، ولا يقال إن بين خفتها وبين بلا مؤنة تنافيا، لأن خفتها تثبت أصل المؤنة، وبلا مؤنة ينفيه، لأنا نقول المراد من المؤنة المنفية الكثيرة، وهو يصدق بوجودها مع خفتها - كما علمت - ثم إن المراد بخفتها أن شأنها ذلك، وإلا فقد لا تكون هناك مؤنة أصلا - كما علمت أيضا -.
(قوله: سواء الخ) تعميم في وجوب الزكاة في القوت، وما عطف عليه، ولو قدمه على قوله عشر الخ لكان أولى.
(وقوله: أزرع ذلك قصدا) أي زرعه مالكه أو نائبه عمدا.
(وقوله: أم نبت اتفاقا) أي كأن وقع الحب بنفسه من يد مالكه عند حمل الغلة مثلا، أو بإلقاء نحو طير في أرضه، فنبت.
(قوله: كما في المجموع) أي كما ذكره فيه، وهو راجع للتعميم.
(وقوله: حاكيا) أي الإمام النووي، وهو حال من الضمير المستتر في متعلق الجار والمجرور.
(وقوله: فيه) أي في المجموع أو في التعميم.
(قوله: وبه يعلم الخ) أي بما حكاه في المجموع من الاتفاق على التعميم المذكور