المقبرة -.
ويقول عند قبر أبيه - مثلا -: السلام عليك يا والدي.
فإن أراد الاقتصار على أحدهما أتى بالثانية، لانه أخص بمقصوده، وذلك لخبر مسلم: أنه (ص) قال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون.
والاستثناء للتبرك، أو للدفن بتلك البقعة، أو للموت على الاسلام.
(فائدة) ورد أن من مات يوم الجمعة أو ليلتها أمن من عذاب القبر وفتنته.
وورد أيضا: من قرأ قل هو الله أحد، في مرض موته مائة مرة، لم يفتن في قبره، وأمن من ضغطة القبر،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تفريغ على الإتيان بالسلام عموما، وما بعده على الإتيان به خصوصا (قوله: ويقول عند قبر أبيه الخ) قال سم: عبارة العباب: ويقول وهو قائم أو قاعد مقابل وجه الميت: السلام عليكم إلخ.
وفي شرحه عقب وهو قائم أو قاعد - كما في المجموع عن الحافظ أبي موسى الأصبهاني - قال: كما أن الزائر في الحياة ربما زار قائما أو قاعدا أو مارا.
وروي القيام من حديث جماعة.
اه.
(واعلم) أنهم صرحوا في باب الحديث وغيره بأن قراءة القرآن جالسا أفضل.
وصرح به المصنف في التبيان، وقضيته أن من أراد القراءة عند القبر سن له الجلوس.
اه.
(قوله: فإن أراد الإقتصار على أحدهما) أي صيغة العموم، أو صيغة الخصوص.
(قوله: أتى بالثانية) أي الصيغة الثانية، وهي: السلام عليك يا والدي مثلا.
(قوله: لأنه) أي الثانية.
والأولى لأنها بضمير المؤنث.
(وقوله: أخص بمقصوده) أي أكثر دلالة على مقصوده الذي.
هو زيارة نحو أبيه، بخلاف الأولى، فإنها تشمله وغيره، فهي ليست أدل على مقصوده.
(قوله: وذلك) أي ما ذكر من سنية السلام على أهل المقبرة من حيث هو، لخبر مسلم الخ.
(قوله: السلام عليكم إلخ) زاد ابن السني عن عائشة رضي الله عنها: اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: من دخل المقابر فقال: اللهم رب الأجساد البالية، والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة، أدخل عليها روحا من عندك، وسلاما مني.
استغفر له كل مؤمن مذ خلق الله آدم.
وأخرجه ابن أبي الدنيا بلفظ.
كتب الله له بعدد من مات من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة حسنات.
وأخرج البيهقي عن بشير بن منصور قال: كان رجل يختلف إلى الجبانة فيشهد الصلاة على الجنائز، فإذا أمسى وقف على باب المقابر فقال: آنس الله وحشتكم، ورحم الله غربتكم، وتجاوز الله عن سيئاتكم، وقبل الله حسناتكم - لا يزيد على هؤلاء الكلمات -.
قال ذلك الرجل: فأمسيت ذات ليلة فانصرفت إلى أهلي ولم آت المقابر، فبينما أنا نائم إذا أنا بخلق كثير جاؤني، قلت: من أنتم؟ وما حاجتكم؟ قالوا: نحن أهل المقابر.
وقد عودتنا منك هدية عند انصرافك إلى أهلك.
قلت: وما هي؟ قالوا: الدعوات التي كنت تدعو بها.
قلت: فأنا أعود لذلك.
قال: فما تركتها بعد.
(قوله: والاستثناء للتبرك إلخ) جواب عما يقال إن اللحوق بهم محقق، فلا معنى للاستثناء.
وحاصل الجواب أنه أتى به للتبرك أو باعتبار الدفن في تلك البقعة، أو باعتبار الموت على الإسلام، أي نلحقكم في هذه البقعة إن شاء الله تعالى، أو نلحقكم ونموت على الإسلام إن شاء الله.
قال في شرح الروض: والصحيح أنه للتبرك، امتثالا لقوله تعالى: * (ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله) *.
اه.
(قوله: فائدة) الأولى أن يقول فوائد، بصيغة الجمع.
(قوله: أمن من عذاب القبر وفتنته) قال في التحفة: وأخذ منه أنه لا يسئل، وإنما يتجه ذلك إن صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أو عن صحابي، إذ مثله لا يقال من قبل الرأي.
ومن ثم قال شيخنا: يسأل من مات برمضان أو ليلة الجمعة - لعموم الأدلة الصحيحة.
اه.
والفرق بين فتنة القبر وعذابه، أن الأولى تكون بامتحان الميت بالسؤال.
وأما العذاب فعام يكون ناشئا عن عدم جواب السؤال، ويكون عن غير ذلك.
(قوله: وأمن من ضغطه القبر) أي ضمته للميت، وهي أول ما يلقاه الميت من أهوال القبر، فهي قبل السؤال.