واحد، قبل انقضائه، وإن قتل مدبرا (بسببه) أي القتال، كأن أصابه سلاح مسلم آخر خطأ، أو قتله مسلم استعانوا به، أو تردى ببئر حال قتال، أو جهل ما مات به، وإن لم يكن به أثر دم (لا أسير قتل صبرا) فإنه ليس
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشهداء، مع أنهم يغسلون، ويصلى عليهم؟ (أجيب) بأن الشهادة فضيلة تنال بالاكتساب، فرغب الشارع فيها، ولا كذلك النبوة والرسالة، فإنما ليستا بمكتسبتين.
قال الأبوصيري: تبارك الله ما وحي بمكتسب * * ولا نبي على غيب بمتهم وقال اللقاني: ولم تكن نبوة مكتسبة * * ولو رقى في الخير أعلى عقبه (قوله: ويحرم إزالة دم شهيد) أي لأنا نهينا عن غسله، ولأنه أثر عبادة.
وإنما لم تحرم إزالة الخلوف من الصائم - مع أنه أثر عبادة - لأنه هو المفوت على نفسه، بخلافه هنا، حتى لو فرض أن غيره أزاله بغير إذنه حرم عليه ذلك.
والمراد بالدم الذي يحرم إزالته: الخارج من المقتول نفسه، بخلاف ما لو طرأ عليه من غيره، فإنه يزال - كالنجاسة - ولو أدى إلى
زوال دم الشهادة معه.
(قوله: وهو من مات الخ) أي الشهيد الذي يحرم غسله والصلاة عليه هو من مات الخ.
(قوله: في قتال كفار) أي في حال مقاتلتهم.
(واعلم) أنه ذكر قيدين للشهيد، وهما: كون الموت حال المقاتلة، وكونه بسبب القتال، وبقي قيد ثالث، وهو: أن يكون القتال حلله العلماء.
وخرج بالقيد الأول من مات بعد المقاتلة، فإن فيه تفصيلا سيذكره في قوله: ولا من مات بعد انقضائه إلخ.
وبالقيد الثاني من مات لا بسبب القتال - كأن مات في حال المقاتلة بمرض أو فجأة - أي بغتة.
وبالقيد الثالث: من مات في قتال محرم، كقتال المسلم ذميا، فلا يسمى شهيدا.
وقد ذكر المؤلف بعض أفراد هذه المحترزات، كما ستعرفه.
(قوله: قبل انقضائه) أي القتال، ولا حاجة إلى هذا القيد، لأنه يغني عنه القيد الأول.
فتنبه.
(قوله: وإن قتل مدبرا) أي إن مات في المقاتلة يسمى شهيدا، وإن قتل حال كونه مدبرا عن القتال.
(قوله: بسببه) متعلق بمات، أي مات بسبب القتال، أي بسبب يحال عليه القتل، ولو احتمالا - كالمثال الأخير -.
قال ع ش: ومنه ما قيل إن الكفار يتخذون خديعة يتوصلون بها إلى قتل المسلمين، فيتخذون سردابا تحت الأرض يملؤنه بالبارود، فإذا مر به المسلمون أطلقوا النار فيه فخرجت من محلها وأهلكت المسلمين.
اه.
(قوله: كان أصابه الخ) تمثيل لمن مات في القتال بسببه، والأولى التعميم بأن يقول: سواء قتله كافر أو أصابه إلخ.
(وقوله: سلاح مسلم آخر) ظاهره أنه لا فرق في ذلك بين أن يقصد كافرا فيصيبه، أولا، ولا مانع منه.
اه.
ع ش.
(وقوله: خطأ) خرج به ما لو كان عمدا، فإنه لا يسمى المقتول به شهيدا، إلا إن كان المسلم استعان به الكفار - كما سيذكره -.
(قوله: أو قتله مسلم) معطوف على أصابه، أي وكأن قتله.
وقوله: استعانوا أي الكفار.
وقوله به.
أي بالمسلم فمقتول المستعان به شهيد، لأن هذا قتال كفار، ولا نظر إلى خصوص القاتل، فإن لم يستعينوا به ولم يكن خطأ فليس بشهيد.
(قوله: أو تردي ببئر) معطوف على أصابه أيضا.
أي وكأن تردى - أي سقط - المقاتل ببئر.
(قوله: أو جهل ما مات به) معطوف أيضا على أصابه.
أي وكأن جهل السبب الذي مات به.
ولا يرد أن الممثل له من مات بسبب القتال، وهذا فيه الجهل بالسبب، فلا يصلح مثالا، لما علمت أن المراد بالسبب لو احتمالا.
ويتصور الجهل به بأن يصيبه سهم وشك في الرامي: هل هو من المسلمين أو من الكفار؟ وعبارة التحفة: أو انكشف عنه الحرب وشك أمات بسببها وغيره؟ لأن الظاهر موته بسببها.
اه.
(قوله: وإن لم يكن به أثر دم) راجع لجميع الأمثلة، يعني أن من أصابه سلاح مسلم خطأ فمات، أو قتله مسلم استعانوا به فمات، أو تردى ببئر فمات، أو
جهل سبب موته، يحكم عليه بالشهادة - سواء كان به أثر دم أم لا - وذلك لأن الظاهر موته بسبب الحرب.
(فإن قيل) ينبغي