من أجل الطرح قطرة على شئ لم تنجسه، وينجس قليل الماء - وهو ما دون القلتين - حيث لم يكن واردا بوصول نجس إليه يرى بالبصر المعتدل، غير معفو عنه في الماء، ولو معفوا عنه في الصلاة، كغيره من رطب ومائع، وإن كثر.
لا بوصول ميتة لا دم لجنسها سائل عند شق عضو منها، كعقرب ووزع، إلا إن تغير ما أصابته
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي ونحوها من كل نجاسة جامدة.
(قوله: فوقعت إلخ) في الكلام حذف، أي فارتفعت من أجل قوة الطرح قطرة منه فوقعت على شئ.
وقوله لم تنجسه جواب لو.
أي لم تنجس تلك القطرة الشئ الذي وقعت عليه لطهارتها.
(قوله: وينجس قليل الماء إلخ) أي لمفهوم الحديث المتقدم، إذ مفهومه أن ما دونهما يحمل الخبث، أي يتأثر به.
وقوله: حيث لم يكن واردا أي حيث لم يكن الماء واردا على النجس، فإن كان واردا ففيه تفصيل يأتي.
وحاصله: أنه إذا ورد الماء على المحل
النجس ولم ينفصل عنه فهو طاهر مطهر.
فإن انفصل عنه، ولم يتغير ولم يزد وزنه بعد اعتبار ما يأخذه المحل، وطهر المحل، فهو طاهر غير مطهر.
فإن فقد واحد من هذه القيود فهو نجس.
(قوله: بوصول نجس إليه) أي إلى الماء القليل، وهو متعلق بينجس، وخرج به ما إذا كان بقرب الماء جيفة مثلا وتغير الماء بها فإنه لا يؤثر.
وقوله: يرى بالبصر المعتدل خرج به غير المرئي به، فإنه لا يؤثر.
وإن كان بمواضع متفرقة، وكان بحيث لو جمع لرؤي، وكان المجموع قليلا ولو من مغلظ وبفعله عند م ر.
وقوله: غير معفو عنه في الماء خرج به المعفو عنه فيه.
وهو ما أشار إليه بقوله: لا بوصول ميتة.
وقوله: ولو معفوا عنه في الصلاة أي ولو كان النجس الذي لا يعفى عنه في الماء معفوا عنه في الصلاة فإنه يضر، وذلك كقليل دم أجنبي غير مغلظ، أو كثير من نحو براغيث.
فإن ما ذكر يعفى عنه إذا كان في نحو ثوب المصلي، ولا يعفى عنه في الماء.
(قوله: كغيره) أي كغير الماء وهو مرتبط بقوله: وينجس إلخ.
أي وينجس قليل الماء بما ذكر، كما أن غيره من المائعات ينجس به أيضا إلا أنه لا يتقيد بالقلة.
وقوله: من رطب ومائع بيان للغير ثم إن كان المراد بالرطب الجامد كان عطف ما بعده عليه للمغايرة.
إلا أنه يشكل عليه أن الجامد إنما ينجس ظاهره الملاقي للنجس، لا كله، كما سيأتي، وإن كان المراد به ما يعم المائع كان العطف عليه من عطف الخاص على العام، ويشكل عليه أيضا ما ذكر.
وظاهر عبارة الروض تخصيص الرطب بالمائع، ونص عبارته مع شرحه: ودونهما - أي القلتين - قليل فينجس هو ورطب غيره كزيت، وإن كثر بملاقاة نجاسة مؤثرة في التنجس وإن لم يتغير.
ثم قال: وخرج بالرطب الجامد الخالي عن رطوبة عند الملاقاة، وبالمؤثرة غيرها مما يأتي.
اه.
وقوله: وإن كثر أي ينجس غير الماء وإن كان كثيرا.
والفرق بينه حيث تنجس مطلقا بوصول النجاسة إليه وبين الماء حيث اختص بالقلة، أن غير الماء ليس في معناه لقوة الماء ومشقة حفظه من النجس، بخلاف غيره.
(قوله: لا بوصول ميتة الخ) أي لا ينجس قليل الماء وغيره من المائعات بوصول ما ذكر للعفو عنه في الماء.
وقوله: لا دم لجنسها سائل تعبيره بذلك أولى من تعبير غيره بقوله لا دم لها سائل، إذ العبرة بجنسها لا بها.
فلو فرض أن لها دما يسيل وجنسها ليس له ذلك ألحقت به، ولا يضر وقوعها فيه.
أو فرض أنها ليس لها دم يسيل وجنسها له ذلك ألحقت به وضر وقوعها.
(فائدة) خبر لا في هذا التركيب محذوف تقديره موجود، وسائل صفة ويجوز فيه الرفع على أنه صفة لاسم لا مراعاة له قبل دخولها لأنه كان مرفوعا بالابتداء، والنصب على أنه صفة له باعتبار محله، إذ محله نصب بلا، ولا يجوز بناؤه على الفتح لوجود الفاصل بينهما.
كما قال إبن مالك: وغير ما يلي وغير المفردلا تبن وانصبه أو الرفع اقصد
وقوله: عند شق عضو منها متعلق بسائل، أي: سائل عند شق عضو منها في حياتها أو عند قتلها.
ويحرم الشق المذكور أو القتل بالقصد للتعذيب، واختلف فيما شك في سيل دمه وعدمه، فهل يجوز شق عضو منه أو لا؟ قال بالأول الرملي تبعا للغزالي، لأنه لحاجة.
وقال بالثاني ابن حجر تبعا لإمام الحرمين، لما فيه من التعذيب، وله حكم ما لا يسيل دمه - فيما يظهر من كلامهم - عملا بكون الأصل في الماء الطهارة فلا ننجسه الشك، ويحتمل عدم العفو، لأن العفو رخصة فلا يصار إليها إلا