بمحل إقامتها، وقيل إنها فرض عين - وهو مذهب أحمد - وقيل شرط لصحة الصلاة، ولا يتأكد الندب للنساء تأكده للرجال، فلذلك يكره تركها لهم، لا لهن.
والجماعة في مكتوبة - لذكر - بمسجد أفضل، نعم، إن وجدت في بيته فقط فهو أفضل، وكذا لو كانت فيه أكثر منها في المسجد - على ما اعتمده الاذرعي وغيره -.
قال شيخنا: والاوجه خلافه، ولو تعارضت فضيلة الصلاة في المسجد والحضور خارجه: قدم - فيما يظهر - لان الفضيلة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ففي الجميع ليست الجماعة فرض كفاية.
(قوله: بحيث يظهر شعارها) أي الجماعة.
والجار والمجرور متعلق بمحذوف، أي ويحصل فرض الكفاية بحيث - أي بحالة هي - ظهور الشعار.
وفي التحفة: الشعار، بفتح أوله وكسره
لغة: العلامة، والمراد به هنا - كما هو ظاهر - ظهور أجل علامات الإيمان وهي الصلاة، بظهور أجل صفاتها الظاهرة، وهي الجماعة اه.
وقوله: بمحل إقامتها أي الجماعة.
ويختلف ظهور الشعار فيه باختلافه كبرا وصغرا.
ففي القرية الصغيرة عرفا يكفي إقامتها في محل، وفي الكبيرة والبلد تقام في محال بحيث يمكن قاصدها أن يدركها من غير كثير تعب.
والمدار على ظهور الشعار ولو بطائفة قليلة، ولا يشترط إقامتها بجمهورهم، فإن أقاموها في الأسواق أو في البيوت وإن ظهر بها الشعار، أو في غيرهما ولم يظهر، أثم الكل، وقوتلوا.
(قوله: وقيل إنها فرض عين) أي لخبر الشيخين: ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار.
ورد بأنه ورد في قوم منافقين يتخلفون عن الجماعة ولا يصلون.
(قوله: وقيل شرط لصحة الصلاة) في النهاية ما نصه: وعلى القول بأنها فرض عين فليست شرطا في صحة الصلاة، كما في المجموع اه.
وعليه يكون القول المذكور مفاده غير مفاد القول بأنها فرض عين.
(قوله: ولا يتأكد الندب للنساء إلخ) وذلك لمزية الرجال عليهن، قال تعالى: * (وللرجال عليهن درجة) * (1) وهذا جار على القول بأنها سنة للرجال.
ولو قدمه على قوله قال النووي: كان أولى.
(قوله: فلذلك) أي لما ذكر من عدم تأكدها لهن كتأكدها لهم، بل تأكدها في حقهم أكثر من تأكدها في حقهن.
وقوله: يكره تركها أي الجماعة.
وقوله: لهن أي للرجال.
وقوله: لا لهن أي لا للنساء.
(قوله: والجماعة في مكتوبة لذكر بمسجد أفضل) وذلك لخبر: صلوا - أيها الناس - في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة.
أي فهي في المسجد أفضل لأنه مشتمل على الشرف، وكثرة الجماعة غالبا، وإظهار الشعار.
وخرج بالذكر المرأة، فإن الجماعة لها في البيت أفضل منها في المسجد، لخبر: لا تمنعوا نساءكم المسجد، وبيوتهن خير لهن.
نعم، يكره لذوات الهيئات حضور المسجد مع الرجال، لما في الصحيحين: عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل ولما في ذلك من خوف الفتنة.
وعبارة شرح م ر: ويكره لها - أي للمرأة - حضور جماعة المسجد إن كانت مشتهاة - ولو في ثياب بذلة - أو غير مشتهاة - وبها شئ من الزينة أو الريح الطيب.
وللإمام أو نائبه منعهن حينئذ، كما له منع من تناول ذا ريح كريه من دخول المسجد.
ويحرم عليهن بغير إذن ولي أو حليل أو سيد أوهما في أمة متزوجة، ومع خشية فتنة منها أو عليها.
اه.
(قوله: نعم، إن وجدت) أي الجماعة.
وقوله: في بيته فقط أي من غير وجودها في المسجد.
وقوله: فهو أفضل أي فالبيت أفضل من المسجد.
والمراد أن الصلاة مع الجماعة في البيت أفضل من الصلاة في المسجد مع
الانفراد، وذلك لخبر: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى.
رواه ابن حبان وصححوه، ولما يأتي من أن الفضيلة المتعلقة بنفس العبادة أفضل من الفضيلة المتعلقة بمكانها أو زمانها.
(قوله: وكذا لو كانت الخ) أي وكذلك الجماعة في البيت أفضل إذا كانت فيه أكثر من الجماعة في المسجد، للخبر المتقدم.
ويستثنى من ذلك المساجد الثلاثة، فإن الجماعة فيها - ولو قلت - أفضل، بل قال المتولي: إن الانفراد فيها أفضل من الجماعة في غيرها.
(قوله: على ما اعتمده إلخ) راجع لما بعد كذا.
(قوله: والأوجه خلافه) أي خلاف ما اعتمده الأذرعي، وهو أنها في المسجد ولو قلت، أفضل منها في البيت وإن كثرت،