وشرعت بالمدينة.
وأقلها إمام ومأموم، وهي في الجمعة، ثم في صبحها، ثم الصبح، ثم العشاء، ثم العصر، ثم الظهر، ثم المغرب أفضل.
(صلاة الجماعة في أداء مكتوبة) لا جمعة (سنة مؤكدة) للخبر المتفق عليه: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة.
والافضلية تقتضي الندبية فقط، وحكمة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صلى أهلها وغلقت، فرجعت إلى بيتي وأنا حزين على فوات صلاة الجماعة،
الجماعة تزيد على صلاة الفذ سبعا وعشرين.
فصليت العشاء سبعا وعشرين مرة، ثم نمت، فرأيتني في المنام على فرس مع قوم على خيل، وهم أمامي وأنا أركض فرسي خلفهم فلا ألحقهم، فالتفت إلي واحد منهم وقال: تتعب فرسك فلست تلحقنا.
فقلت: ولم يا أخي؟ قال: لأنا صلينا العشاء في الجماعة، وأنت قد صليت وحدك فاستيقظت وأنا مهموم حزين.
وقال بعض السلف: ما فاتت أحدا صلاة الجماعة إلا بذنب أصابه.
وقد كانوا يعزون أنفسهم سبعة أيام إذا فاتت أحدهم صلاة الجماعة، وقيل ركعة، ويعزون أنفسهم ثلاثة أيام إذا فاتتهم التكبيرة الأولى مع الإمام، فاعلم ذلك يا أخي.
اه.
(قوله: وشرعت) أي الجماعة.
وقوله: بالمدينة أي لا بمكة، لقهر الصحابة بها.
وفي المغني ما نصه: مكث - صلى الله عليه وسلم - مدة مقامه بمكة ثلاث عشرة سنة يصلي بغير جماعة، لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا مقهورين يصلون في بيوتهم، فلما هاجر إلى المدينة أقام الجماعة وواظب عليها، وانعقد الإجماع عليها.
اه.
واستشكل ذلك بصلاته - صلى الله عليه وسلم - والصحابة صبيحة الإسراء جماعة مع جبريل، وبصلاته - صلى الله عليه وسلم - بعلي وبخديجة، فكان أول فعلها بمكة، وكان يصلي بها - صلى الله عليه وسلم - جماعة.
وأجيب بأن المراد يصلي بغير جماعة، أي ظاهرة أو مع المواظبة.
(قوله: وأقلها) أي الجماعة.
وقوله: إمام ومأموم هذا مأخوذ من قوله - صلى الله عليه وسلم -: الجماعة إمام ومأموم.
أي سواء كان الرجل مع ولده أو زوجته أو رقيقه.
قال ابن الرفعة: لا يقال المشهور من مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه أن أقل الجمع ثلاث، لأنا نقول الحكم هنا على الاثنين بالجماعة أمر شرعي مأخذه التوقيف.
وأقل الجمع ثلاثة بحث لغوي مأخذه اللسان.
اه.
ثم إن محل كون أقلها ما ذكر: في غير جماعة الجمعة، أما هي: فلا بد فيها من أربعين.
(قوله: ثم في صبحها) أي ثم الجماعة في صبح الجمعة أفضل، لخبر: ما من صلاة أفضل من صلاة الفجر يوم الجمعة في جماعة، وما أحسب من شهدها منكم إلا مغفورا له.
رواه الطبراني وصححه.
وفي سم على المنهج: ولا يبعد أن كلا من عشاء الجمعة ومغربها وعصرها جماعة آكد من عشاء ومغرب وعصر غيرها - على قياس ما قيل في صبحها.
اه.
(قوله: ثم الصبح) أي في سائر الأيام، وذلك لأن الجماعة فيه أشق منها في بقية الصلوات، وللخبر الآتي.
(قوله: ثم العشاء) أي لأنها أشق بعد الصبح، ولما رواه مسلم: من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله.
(قوله: ثم العصر) أي لأنها الصلاة الوسطى عند الجمهور.
(قوله: صلاة الجماعة) أي الصلاة من حيث الجماعة، وبما ذكر اندفع ما قيل إن الصلاة واجبة مطلقا، سواء وقعت في جماعة أم لا،
فلا يصح الإخبار بأنها سنة .. وحاصل الدفع أن المراد أنها سنة من حيث الجماعة، لا من حيث ذاتها.
(قوله: في أداء مكتوبة) سيذكر محترز قوله في أداء، وقوله: مكتوبة.
وإنما قيد بالثاني، مع أن الجماعة تسن في غيرها أيضا كالعيدين، والتروايح، لأجل الخلاف الذي سيذكره، فإنه لا يجرى إلا فيها.
وأما في غيرها فهي سنة بالاتفاق.
(قوله: لا جمعة) أما الجماعة فيها ففرض عين، كما يعلم من بابها.
(قوله: سنة) أي سنة عين حتى على النساء، إلا أنها لا تتأكد في حقهن كتأكدها على الرجال، كما سيأتي.
(قوله: للخبر المتفق عليه) دليل للسنية.
(قوله: من صلاة الفذ) بالفاء والذال المعجمة، أي المنفرد.
(قوله: بسبع وعشرين) في رواية: بخمس وعشرين.
قال في شرح الروض: ولا منافاة، لأن القليل لا ينفي الكثير، أي الأخبار بالقليل لا ينافي الإخبار بالكثير، أو أنه أخبر أولا بالقليل.
ثم أخبره الله بزيادة الفضل فأخبر بها، أو أن ذلك يختلف باختلاف أحوال المصلين.
(قوله: درجة) قال ابن دقيق العيد: الأظهر أن المراد بالدرجة الصلاة، لأنه