بعشر تسليمات، في كل ليلة من رمضان، لخبر: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.

ويجب التسليم من كل ركعتين، فلو صلى أربعا منها بتسليمة لم تصح، بخلاف سنة الظهر والعصر والضحى والوتر.

وينوي بها التراويح أو قيام رمضان، وفعلها أول الوقت أفضل من فعلها أثناءه بعد النوم، خلافا لما وهمه الحليمي.

وسميت تروايح لانهم كانوا يستريحون لطول قيامهم بعد كل تسليمتين، وسر العشرين أن الرواتب

ـــــــــــــــــــــــــــــ

المسجد وصلى الناس بصلاته فيها، وتكاثروا فلم يخرج لهم في الرابعة وقال لهم صبيحتها: خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها.

وروى البيهقي بإسناد صحيح أنهم يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة.

وروى مالك في الموطأ بثلاث وعشرين.

وجمع البيهقي بينهما بأنهم كانوا يوترون بثلاث.

واستشكل قوله - صلى الله عليه وسلم -: خشيت أن تفرض عليكم.

بقوله تعالى في ليلة الإسراء: هن خمس والثواب خمسون، لا يبدل القول لدي.

وأجيب بأجوبة أحسنها أن ذلك في كل يوم وليلة فلا ينافي فرضية غيرها في السنة.

(قوله: وهي) أي صلاة

التراويح.

(وقوله: عشرون ركعة) أي لغير أهل المدينة على مشرفها أفضل الصلاة وأزكى السلام، أما هم فلهم فعلها ستا وثلاثين، وإن كان اقتصارهم على العشرين أفضل، ولا يجوز لغيرهم ذلك، وإنما فعل أهل المدينة هذا لأنهم أرادوا مساواة أهل مكة، فإنهم كانوا يطوفون سبعا بين كل ترويحتين، فجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات.

قال السيوطي: وما كانوا يطوفون بعد الخامسة، وإنما خص أهل المدينة بذلك لأن لهم شرفا بهجرته - صلى الله عليه وسلم - ومدفنه.

(قوله: بعشر تسليمات) أي وجوبا، لأنها وردت هكذا، وأشبهت الفرائض بطلب الجماعة فيها، فلا تغير عما وردت عليه.

(قوله: في كل ليلة) أي بعد صلاة العشاء، ولو مجموعة مع المغرب جمع تقديم.

(قوله: ويجب التسليم) الأولى التعبير بفاء التفريع، إذ المقام يقتضيه لأنه مفرع على قوله بعشر تسليمات.

(قوله: فلو صلى أربعا منها) أي أو أكثر.

(وقوله: لم تصح) أي أصلا إن كان عامدا عالما، وإلا صحت له نفلا مطلقا.

(قوله: بخلاف سنة الظهر الخ) أي فإنه يجوز جمع الأربع القبلية أو البعدية بتحريم واحد وسلام واحد، وكذلك الضحى يجوز أن يجمع فيه بين ركعاته كلها بتحرم واحد وسلام واحد.

وقد تقدم أنه لو أخر القبلية لا يجوز له جمعها مع البعدية بسلام واحد، على معتمد ابن حجر، وقال: لعل بحث الجواز مبني على الضعيف إنه لا تجب نية القبلية ولا البعدية.

ويجوز ذلك على معتمد م ر.

(قوله: وينوي بها التروايح إلخ) أي وينوي في صلاة التروايح، أو ينوي قيام رمضان، وأفاد بذلك أنه لا بد من التعيين في النية.

وظاهر كلامه أنه لا يشترط التعرض للعدد فيها، وهو المعتمد، لأن التعرض للعدد لا يجب.

كما لو قال: أصلي الظهر أو العصر.

(قوله: وفعلها أول الوقت) قد بين وقتها في قوله في مبحث الوتر: ووقت الوتر كالتروايح بين صلاة العشاء وطلوع الفجر.

فلا يعترض بأنه كان المناسب أن يقول أولا ووقتها كذا ثم يقول وفعلها أول إلخ.

(قوله: أفضل إلخ) في بشرى الكريم خلافه، ونص عبارته: قال عميرة: وفعلها - أي التروايح - عقب العشاء أول الوقت من بدع الكسالى.

وفي الإمداد: ووقتها المختار يدخل بربع الليل.

اه.

ولو تعارض فعلها مع العشاء أول الوقت، أو في جوف الليل بعد نوم، قدمتا لكراهة النوم قبل العشاء.

(قوله: أثناءه) أي الوقت.

(قوله: بعد النوم) متعلق بفعلها أثناءه، ومقتضى التقييد به أن فعلها أول الوقت لا يكون أفضل من فعلها أثناءه مع عدم النوم، فانظره.

(قوله: خلافا لما وهمه الحليمي) أي من أن فعلها أثناءه بعد النوم أفضل.

(قوله: وسميت) أي العشرون ركعة التي يصليها في رمضان.

(وقوله: لأنهم) أي الصحابة.

(قوله: كانوا يستريحون لطول قيامهم) يؤخذ من التعليل المذكور أنه ينبغي طول القيام بالقراءة مع الحضور والخشوع، خلافا لما يعتاده كثيرون في زماننا من تخفيفها ويتفاخرون بذلك، قال قطب الإرشاد سيدنا عبد الله بن علوي

الحداد في النصائح: وليحذر من التخفيف المفرط الذي يعتاده كثير من الجهلة في صلاتهم للتراويح، حتى ربما يقعون بسببه في الإخلال بشئ من الواجبات مثل ترك الطمأنينة في الركوع والسجود، وترك قراءة الفاتحة على الوجه الذي لا بد منه بسبب العجلة، فيصير أحدهم عند الله لا هو صلى ففاز بالثواب ولا هو ترك فاعترف بالتقصير وسلم من الإعجاب.

وهذه وما أشبهها من أعظم مكايد الشيطان لأهل الإيمان، يبطل عمل العامل منهم عمله مع فعله للعمل، فاحذروا من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015