امتثال أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه.

(على مذهب الامام) المجتهد أبي عبد الله محمد بن إدريس (الشافعي رحمه الله تعالى) ورضى عنه أي ما ذهب إليه من الاحكام في المسائل.

إدريس والده، هو ابن عباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد بن يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف.

وشافع، وهو الذي ينسب إليه الامام.

وأسلم هو وأبوه السائب يوم بدر.

وولد إمامنا رضى الله عنه سنة خمسين

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(وقوله): والعمر عن تحصيل كل علم يقصر فابدأ منه بالأهم وذلك الفقه فإن منلا غنى في كل حال عنه واعلم أن الآيات والأحاديث الدالة على فضل العلم مطلقا كثيرة شهيرة، فمن الآيات قوله تعالى: * (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) * ومن الأحاديث قوله عليه الصلاة والسلام: من سلك طريقا يبتغي فيها علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر وقوله - صلى الله عليه وسلم -: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم وإن الله وملائكته وأهل السموات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت في الماء، ليصلون على معلمي الناس الخير.

قال معاذ رضي الله عنه: تعلموا العلم.

فإن تعليمه حسنة، وطلبه عبادة، ومذكراته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وبذله صدقة.

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: الناس رجلان، عالم ومتعلم، ولا خير فيما سوى ذلك.

ويقال: من ذهب إلى عالم وجلس عنده ولم يقدر على حفظ شئ مما قاله أعطاه الله سبع كرامات، أولها: ينال فضل المتعلمين.

وثانيها: ما دام عنده جالسا كان محبوسا عن الذنوب والخطايا.

وثالثها: إذا خرج من منزله نزلت عليه الرحمة.

ورابعها: إذا جلس عنده نزلت الرحمة على العالم فتصيبه ببركته.

وخامسها: تكتب له الحسنات ما دام مستمعا.

وسادسها: تحفهم الملائكة بأجنحتهم وهو فيهم.

وسابعها: كل قدم يرفعها ويضعها تكون كفارة للذنوب ورفعا للدرجات وزيادة في الحسنات.

هذا لمن لم يحفظ شيئا، وأما الذي يحفظ فله أضعاف ذلك مضاعفة.

وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: إن الرجل ليخرج من منزله وعليه من الذنوب مثل جبال تهامة، فإذا سمع العلم خاف الله واسترجع من ذنوبه، فينصرف إلى منزله وليس عليه ذنب، فلا تفارقوا مجالس العلماء فإن الله لم يخلق على وجه الأرض أكرم من مجلسهم.

قال بعضهم: ولو لم يكن لحضور مجلس العلم منفعة سوى النظر إلى وجه العالم لكان الواجب على العاقل أن يرغب فيه، فكيف وقد أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - العلماء مقام نفسه فقال: من زار عالما فكأنما زارني، ومن صافح عالما فكأنما صافحني، ومن جالس عالما فكأنما جالسني، ومن جالسني في الدنيا أجلسه الله تعالى معي يوم القيامة في الجنة.

وما ورد في فضل العلم والعلماء أكثر من أن يحصى، وفي هذا القدر كفاية، فنسأل الله العظيم أن يجعلنا من العلماء العاملين، وأن يمنحنا كمال المتابعة والمحبة لسيدنا محمد سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

(قوله: على مذهب الإمام) صفة للفقه، أي في الفقه الكائن على مذهب الإمام الشافعي.

والمذهب في اللغة اسم لمكان الذهاب، ثم استعمل فيما ذهب إليه الإمام من الأحكام مجازا على طريق الاستعارة التصريحية التبعية، وتقريرها أن تقول شبه اختيار الأحكام بمعنى الذهاب، واستعير الذهاب لاختيار الأحكام، واشتق منه مذهب بمعنى أحكام مختارة، ثم صار حقيقة عرفية.

(قوله: ابن عبد مناف) فيجتمع الإمام الشافعي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في عبد مناف، لانه - صلى الله عليه وسلم - سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وهاشم الذي في نسبه - صلى الله عليه وسلم - عم لهاشم الذي في نسب الإمام.

(قوله: وولد إمامنا رضي الله عنه) أي بغزة التي توفي فيها هاشم جد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيل بعسقلان، ثم حمل إلى مكة وهو ابن سنتين، ونشأ بها وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، والموطأ وهو ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015