نظر بعين الانصاف إليه، ووقف على خطأ فأطلعني عليه أو أصلحه الحمد لله رب العالمين.
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه كلما ذكرك وذكره الذاكرون، وغفل عن ذكرك وذكره الغافلون.
وعلينا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا دعاء من المؤلف لمن نظر الخ.
(قوله: نظر بعين الانصاف إليه) أي نظر بعين العدل إلى هذا الشرح.
وفي الكلام استعارة بالكناية حيث شبه العدل بإنسان ذي عين، وحذف المشبه به ورمز له بشئ من لوازمه وهو عين، وفيه تنبيه على أن من نظر إليه بعين الجور لا يدخل في دعاء المؤلف المذكور، وأنه لا اعتداد به.
(قوله: ووقف الخ) معطوف على نظر: أي ورحم الله امرأ وقف على خطأ في شرحي هذا فأطلعني عليه، وهذا تواضع من المؤلف رحمه الله تعالى، حيث اعترف بأن شرحه هذا لم يأمن عدم وقوع الخطأ فيه.
(قوله: أو أصلحه) أي أصلح ذلك الخطأ، وهذا إذن من المؤلف لمن يكون أهلا أن يصلح ذلك الخطأ.
والمراد بالاصلاح أن يكتب على الهامش لعله كذا، أو الصواب كذا.
وليس المراد أن يغير ما في الشرح على الحقيقة ويكتب بدله، لأن ذلك لا يجوز، فإنه لو فتح باب ذلك لادى إلى عدم الوثوق بشئ من كتب المؤلفين، وذلك لأن كل من طالع وظهر له شئ غير ما هو مقرر في الكتاب غيره إلى غيره، ويجئ من بعده ويفعل مثل فعله، وهكذا فحينئذ لا يوثق بنسبة شئ إلى المؤلفين، لاحتمال أن ما وجد مثبتا في كلامهم يكون من إصلاح بعض من وقف على كتبهم.
قاله ع ش في كتابته على خطبة النهاية، وقال أيضا فيها: ليس كل اعتراض سائغا من المعترض، وإنما يسوغ له اعتراض بخمسة شروط كما قاله الابشيطي وعبارته: لا ينبغي لمعترض اعتراض إلا باستكمال خمسة شروط، وإلا فهو آثم مع رد إعتراضه عليه: كون المعترض أعلى أو مساويا للمعترض عليه، وكونه يعلم أن ما أخذه من كلام شخص معروف، وكونه مستحضرا لذلك الكلام، وكونه قاصدا للصواب فقط، وكون ما اعترضه لم يوجد له وجه في التأويل إلى الصواب.
اه.
أقول وقد يتوقف في الشرط الاول، فإنه قد يجري الله على لسان من هو دون غيره بمراحل ما لا يجريه على لسان الافضل.
اه.
واعلم أنه لا بد في الاصلاح من التأمل وإمعان النظر، فلا يهجم ببادئ الرأي على التخطئة.
وما أحسن ما قاله الاخضري في نظم المنطق:
وأصلح الفساد بالتأمل وإن بديهة فلا تبدل إذ قيل كم مزيف صحيحالاجل كون فهمه قبيحا (قوله الحمد لله الخ) أي الثناء بالجميل مستحق لله رب العالمين.
وحمد ثانيا تنبيها إلى أنه ينبغي الاكثار من الحمد، إذ نعم الله على عبده في كل لحظة لا تنقطع، وليكون شاكرا ربه على إلهامه للحمد الاول، لان إلهامه إياه نعمة تحتاج إلى الشكر عليها، وأيضا فيه إشارة إلى القبول، لان ختم الدعاء به علامة على إجابته.
(قوله: اللهم صل وسلم) لما أعاد الحمد لله ناسب أن يعيد الصلاة والسلام على رسول الله تبركا بهما ولقوله تعالى: * (ورفعنا لك ذكرك) * أي لا أذكر إلا وتذكر معي يا محمد، وإشارة إلى القبول لان ختم الدعاء بهما علامة على إجابته.
(وقوله: كلما ذكرك وذكره الذاكرون وغفل عن ذكرك وذكره الغافلون) هذه رواية، ويروى أيضا: كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون، بذكر الذكر مرة في جانب الذاكرين ومرة في جانب الغافلين.
وهذه الرواية الثانية سمع فيها إحتمالات أربع.
الاول: ما ذكر من كونه بكاف الخطاب في الاول وهاء الغيبة في الثانية، الاحتمال الثاني: عكس هذا، وهو بهاء الغيبة في الاول وكاف الخطاب في الثاني، الاحتمال الثالث بكاف الخطاب فيهما، الاحتمال الرابع: بهاء الغيبة فيهما.
والاحتمال الاول منها أولى لان الذاكرين لله أكثر من الغافلين عنه، والغافلين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من الذاكرين له، إذ المؤمنون بالنسبة للكافرين كالشعرة البيضاء في الثور الاسود، وذكر الاكثر من جانب الله والاكثر في جانب النبي - صلى الله عليه وسلم - أبلغ في كثرة الصلاة