باب في الإعتاق هو إزالة الرق عن الآدمي والاصل فيه قوله تعالى: * (فك رقبة) * وخبر الصحيحين أنه (ص) قال: من
أعتق رقبة مؤمنة - وفي رواية امرأ مسلما - أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار حتى الفرج بالفرج
ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب في الإعتاق
هو لغة: السبق والاستقلال مأخوذ من قولهم عتق الفرس إذا سبق، وعتق الفرخ إذا طار واستقل.
فكأن العبد إذا فك من الرق تخلص واستقل وسبق غيره ممن لم يعتق.
وشرعا: إزالة الرق عن آدمي كما سيذكره.
واعلم: أنه قد قام الاجماع على أن العتق بالقول قربة سواء المنجز والمعلق، وأما تعليقه فليس قربة إن قصد به حث أو منع أو تحقيق خبر: كإن دخلت الدار فأنت حر، أو إن لم تسافر فأنت حر، أو إن لم يكن الخبر الذي أخبرتكم به حقا فعبدي حر، فإن لم يقصد به ذلك كان قربة نحو: إن طلعت الشمس فأنت حر.
وأما العتق بالفعل وهو الاستيلاد فليس قربه لانه متعلق بقضاء أو طار، إلا إن قصد به حصول عتق أو ولد فيكون قربة - والعتق بالقول من الشرائع القديمة بدليل عتق ذي الكراع الحميري ثمانية آلاف، وكان ذلك في الجاهلية.
وعتق أبي لهب ثويبة لما بشرته بولادة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأما العتق بالفعل فهو من خصوصيات هذه الامة.
وأركانه ثلاثة: معتق وعتيق وصيغة.
ويشترط في المعتق أن يكون حرا كله مختارا مطلق التصرف.
وشرط في العتيق أن لا يتعلق به حق لازم غير عتق يمنع ذلك الحق بيعه بأن لم يتعلق به حق أصلا، أو تعلق به حق جائز كالمعار، أو تعلق به حق لازم هو عتق كالمستولدة، أو تعلق به حق لازم غير عتق لا يمنع بيعه كالمؤجر، بخلاف ما تعلق به حق لازم غير عتق يمنع بيعه كالمرهون فإن فيه تفصيلا: وهو أنه ينفذ من الموسر ولا ينفذ من المعسر.
وشرط في الصيغة لفظ يشعر بالعتق، أو إشارة أخرس، أو كتابة بنية.
وهذه الاركان ما عدا العتيق مصرح بها في كلامه، وأما العتيق فمعلوم من كلامه ضمنا.
(قوله: هو) أي الاعتاق شرعا.
(وقوله: إزالة الخ) المراد بالازالة ما يشمل الزوال فدخل فيه العتق بالبعضية وبالسراية، والعتق بالفعل، وهو الاستيلاد، وذلك لأنه ذكر ذلك كله في هذا الباب.
(وقوله: عن الآدمي) خرج به غير الآدمي كالطير والبهيمة، فلا يصح عتقهما لانه كتسييب السوائب وهو حرام.
نعم: لو أرسل مأكولا بقصد إباحته لمن يأخذه لم يحرم، ولمن يأخذه أكله فقط، وليس له إطعام غيره منه على المعتمد كالضيف، فإنه لا يجوز له إطعام غيره لانه إنما أبيح له أكله دون غيره.
(قوله: والأصل فيه) أي والدليل على مشروعية الاعتاق.
(وقوله: قوله تعالى: * (فك رقبة) *) أي من الرق أي وقوله تعالى: * (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه) * أي بالاسلام * (وأنعمت عليه) * أي بالعتق
كما قاله المفسرون.
(قوله: وخبر الصحيحين) معطوف على قوله تعالى، أي والأصل فيه خبر الصحيحين.
(وقوله: أنه - صلى الله عليه وسلم - إلخ) بدل من خبر الصحيحين.
(وقوله: من أعتق رقبة) المراد بالرقبة الذات على سبيل المجاز المرسل، وإنما عبر عنها بالرقبة لأن الرق كالغل في الرقبة، فإن السيد يحبسه به كما يحبس الدابة بالحبل في رقبتها، فإذا أعتقه فقد أطلقه من ذلك الغل الذي كان في رقبته.
(وقوله: مؤمنة) التقييد به للغالب فلا مفهوم له.
(وقوله: وفي رواية امرأ مسلما) أي