فرع: يسن تغليظ يمين من المدعي والمدعى عليه وإن لم يطلبه الخصم في نكاح وطلاق ورجعة وعتق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنه لا يسلم عليه.
ومن حلف لا يبيع هذا العبد، أو لا يشتري هذا الثوب، فوهبه في الأولى، أو وهب له في الثانية، لم يحنث لانه لم يفعل المحلوف عليه.
ومن حلف لا يبيع ولا يوكل وكان قد وكل قبل ذلك ببيع ماله، فباع الوكيل بعد الحلف بالوكالة السابقة، ففي فتاوي القاضي حسين: أنه لا يحنث، لانه بعد اليمين لم يباشر ولم يوكل.
وقياسه أنه لو حلف على زوجته أن لا تخرج إلا بإذنه، وكان قد أذن لها قبل ذلك في الخروج إلى موضع معين، فخرجت إليه بعد اليمين لم يحنث.
ومن حلف لا يعتق عبده فكاتبه وعتق بالاداء لم يحنث، كما نقله الشيخان عن ابن القطان وأقراه.
ومن حلف لا يأكل الحشيشة فبلعها من غير مضغ حنث، لانه يسمى أكلا عرفا، والايمان مبنية على العرف.
بخلاف ما لو حلف بالطلاق أنه لا يأكل الحشيشة فبلعها من غير مضغ فإنه لا يحنث، لأنه لا يسمى أكلا لغة، والطلاق مبني على اللغة.
ولو حلف لا يلبس خاتما فلبسه في غير الخنصر لم يحنث.
ومن حلف لا يكتب بهذا القلم فكسر بريته وبراه برية جديدة وكتب به لم يحنث.
ومن حلف لا يتغدى، أو لا يتعشى، أو لا يتسحر، فلا يحنث في الاول إلا بأكله قبل الزوال، لان وقت الغداء من طلوع الفجر إلى الزوال.
ولا يحنث في الثاني إلا بأكله بعد الزوال، لأن وقت العشاء من الزوال إلى نصف الليل.
ولا يحنث في الثالث إلا بأكله بعد نصف الليل، لان وقت السحور من نصف الليل إلى طلوع الفجر.
ومن حلف لا يفارق غريمه حتى يوفيه حقه، فهرب غريمه منه لم يحنث ولو تمكن من إتباعه، بل ولو أذن له في الهرب، لانه لم
يفارقه هو.
ومن حلف لا يدخل الدار، حنث بدخوله داخل بابها حتى دهليزها، ولو برجل واحدة معتمدا عليها فقط، لا بصعوف سطح من خارج الدار، ولو محوطا بأن يكون له درج يصعد عليها له من خارجها.
وإذا حلف الامير مثلا لا يضرب زيدا فأمر الجلاد فضربه لم يحنث، أو حلف لا يبني بيته فأمر البناء ببنائه فبناه فكذلك لا يحنث، أو حلف أن لا يحلق رأسه فأمر حلاقا فحلقه لم يحنث - كما جرى عليه ابن المقري - لعدم فعله، وقيل يحنث للعرف.
ومطلق الحلف على العقود ينزل على الصحيح منها فلا يحنث بالفاسد، ولو أضاف العقد إلى ما لا يقبله: كأن حلف لا يبيع الخمر، ولا المستولدة، ثم أتى بصورة البيع، فإن قصد التلفظ بلفظ العقد مضافا إلى ما ذكره حنث، وإن أطلق فلا.
وكذلك الحلف على العبادات كالصلاة والصوم ينزل على الصحيح منهما، فلا يحنث بالفاسد منهما إلا الحج، فإنه يحنث بالفاسد.
ولو حلف لا يصلي لم يحنث بصلاة الجنازة، لأنها لا تسمى صلاة عرفا.
ومن حلف ليثنين على الله أحسن الثناء، أو أعظمه، أو أجله، فليقل: لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، أو بأجل التحاميد فليقل: الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافئ مزيده.
أو حلف ليصلين على النبي - صلى الله عليه وسلم - بأفضل الصلاة عليه، فليصل بالصلاة الابراهيمية التي في التشهد.
وهنا فروع كثيرة تركناها خوف الاطالة.
(قوله: فرع إلخ) الأولى فروع، لأنه ذكر أربعة الاول: قوله يسن تغليظ الخ، الثاني: قوله ويعتبر في الحلف الخ، الثالث: قوله واليمين يقطع الخصومة الخ، الرابع: قوله واليمين المردودة إلخ.
واعلم أن ما ذكر يذكره الفقهاء في باب الدعوى، وهو الانسب وإن كان لذكره هنا وجه أيضا، وهو أن الكلام في الايمان وأنها قد تقع في خصومة كما مر.
(وقوله: تغليظ يمين الخ) إنما سن ذلك لان اليمين إنما وضعت للزجر عن التعدي، فغلظت مبالغة وتأكيدا للردع فيما هو متأكد في نظر الشرع، وهو ما سيذكره من النكاح إلخ.
(وقوله: من المدعي) أي صادرة منه فيما إذا كان المدعى به يثبت بيمين وشاهد، أو في يمين الرد.
(وقوله: والمدعى عليه) أي وتغليظ يمين صادرة من المدعى عليه فيما إذا لم يكن عند المدعي بينة.
(قوله: وإن لم يطلبه) أي التغليظ، وهو غاية في سنية التغليظ: أي يسن وإن لم يطلبه الخصم.
قال في التحفة: بل وإن أسقطه كما قاله القاضي.
اه.
(قوله: في نكاح الخ) أي في دعوى ذلك، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة ليمين: أي يمين واقعة في دعوى الخ.
ويحتمل أن في بمعنى على، والجار والمجرور متعلق