فالرافعي فما رجحه الاكثر فالاعلم فالاورع.

قال شيخنا: هذا ما أطلق عليه محققو المتأخرين والذي أوصى باعتماده مشايخنا، وقال السمهودي: ما زال مشايخنا يوصوننا بالافتاء بما عليه الشيخان وأن نعرض عن أكثر ما خولفا به.

وقال شيخنا ابن زياد: يجب علينا في الغالب ما رجحه الشيخان وإن نقل عن الاكثرين خلافه (ولا يقضي) القاضي أي لا يجوز له القضاء (بخلاف علمه) وإن قامت به بينة كما إذا شهدت برق أو نكاح أو ملك من يعلم حريته أو بينونتها أو عدم ملكه لانه قاطع ببطلان الحكم به حينئذ والحكم بالباطل محرم (ويقضي) أي

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ما لم يتفق المتأخرون على أن ما اتفقا عليه سهو أو غلط.

(قوله: فما جزم به النووي) يعني إذا اختلف كلام النووي والرافعي، فالمعتمد ما جزم به النووي.

وأعلم أنه إذا اختلفت كتب النووي، فالمتبحر لا يتقيد بشئ منها في الاعتماد عليه، وأما غيره فيعتمد منها المتأخر الذي يكون تتبعه فيه لكلام الاصحاب أكثر، فالمجموع فالتحقيق فالتنقيح فالروضة فالمنهاج، وما اتفق عليه الاكثر من كتبه مقدم على ما اتفق عليه الاقل منها، وما ذكر في بابه مقدم على ما ذكر في غيره غالبا فيهما.

قاله ابن حجر وتبعه ابن علان وغيره.

(قوله: فالرافعي) أي فما جزم به الرافعي إن لم يجزم النووي بشئ.

(قوله: فما رجحه إلخ) أي فإن اختلفا ولم يجزما بشئ، فالمعتمد من كلامهما ما رجحه أكثر الفقهاء، ثم ما رجحه أعلمهم، ثم ما رجحه أورعهم.

(قوله: قال شيخنا هذا) أي ما ذكر من كون المعتمد فيما ذكر ما اتفق عليه الشيخان الخ.

(وقوله:

ما أطبق) أي أجمع واتفق.

(قوله: والذي أوصى الخ) أي وهذا هو الذي أوصى به الخ.

فاسم الموصول معطوف على ما قبله.

وأعلم أنه إذا اختلف كلام المتأخرين عن الشيخين - كشيخ الاسلام وتلامذته - فقد ذهب علماء مصر إلى اعتماد ما قاله الشيخ محمد الرملي، خصوصا في نهايته، لانها قرئت على المؤلف إلى آخرها في أربعمائة من العلماء فنقدوها وصححوها.

وذهب علماء حضرموت وأكثر اليمن والحجاز إلى أن المعتمد ما قاله الشيخ أحمد بن حجر في كتبه، بل في تحفته لما فيها من الاحاطة بنصوص الامام مع مزيد تتبع المؤلف فيها، ولقراءة المحققين لها عليه الذين لا يحصون، ثم إذا لم يتعرضا بشئ فيفتي بكلام شيخ الاسلام، ثم بكلام الخطيب، ثم بكلام الزيادي، ثم بكلام ابن قاسم، ثم بكلام عميرة، ثم بكلام ع ش، ثم بكلام الحلبي، ثم بكلام الشوبري، ثم بكلام العناني، ما لم يخالفوا أصول المذهب.

كقولهم لو نقلت صخرة من أرض عرفات إلى غيرها يصح الوقوف عليها، وقد تقدم في خطبة الكتاب ما هو أبسط مما هنا، فارجع إليه إن شئت.

(قوله: وقال السمهودي الخ) تأييد لما قبله.

(قوله: ولا يقضي القاضي) أي أو نائبه.

(قوله: أي لا يجوز الخ) تفسير للمراد من نفي القضاء بخلاف العلم.

(قوله: بخلاف علمه) أي بالشئ المخالف لعلمه.

قال بعضهم: الصواب التعبير بما يعلم خلافه، فإن من يقضي بشهادة من لا يعلم صدقهما ولا كذبهما قاض بخلاف علمه وهو نافذ إتفاقا.

اه.

ورده في التحفة بقوله: وهو عجيب فإنه فرضه فيمن لا يعلم صدقا ولا كذبا فكيف يصح أن يقال إن هذا قضى بخلاف علمه حتى يرد على المتن؟ فالصواب صحة عبارته.

اه.

قال في المغني: وقوله ولا يقضي بخلاف علمه يندرج فيه حكمه بخلاف عقيدته.

قال البلقيني: وهذا يمكن أن يدعي فيه إتفاق العلماء، لان الحكم إنما يبرم من حاكم بما يعتقده.

اه.

(قوله: وان قامت به) أي بخلاف علمه بينة، وفي هذه الحالة لا يقضي بعلمه، كما لا يقضي بالبينة، للتعارض بينهما، فيعرض عن القضية بالكلية.

(قوله: كما إذا شهدت) أي البينة.

(وقوله: برق الخ) الالفاظ الثلاثة تقرأ من غير تنوين لاضافتها إلى لفظ من الواقعة إسما موصولا.

(وقوله: يعلم) أي القاضي.

(وقوله: حريته) راجع لما إذا شهدت البينة برقه.

(وقوله: أو بينونتها) أي أو يعلم بينونتها، وهو راجع لما إذا شهدت بالنكاح، أي ببقائه ولم تبن منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015