نظر فيه فلا خلاف، بل يبحث عن أرجحهما بنحو تأخره وإن كانا لواحد.
انتهى.
(ويجوز تحكيم اثنين) ولو من غير خصومة كما في النكاح (رجلا أهلا لقضاء) أي من له أهلية القضاء المطلقة لا في خصوص تلك الواقعة
فقط.
خلافا لجمع متأخرين ولو مع وجود قاض أهل خلافا للروضة.
أما غير الاهل فلا يجوز تحكيمه - أي مع وجود الاهل - وإلا جاز، ولو في النكاح، وإن كان ثم مجتهد، كما جزم به شيخنا في شرح المنهاج تبعا لشيخه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تقليد غير الائمة الاربعة بشرطه، وفيه نظر.
لأنه صرح بمساواة العامل للمفتي في ذلك، فالوجه حمله على عامل متأهل للنظر في الدليل وعلم الراجح من غيره.
اه.
وقال في الفوائد وابن الجمال في فتح المجيد.
(اعلم) أن القولين أو الوجهين أو الطريقين إذا كانا لواحد ولم يرجح أحدهما، فللمقلد أن يعمل لنفسه بأيهما شاء إذا لم يكن أهلا للترجيح، فإن كان أهلا له، فلا يجوز له العمل إلا بالتتبع والترجيح، فإن رجح أحدهما فالفتوى والحكم بالراجح مطلقا، والمرجوح منهما إذا رجحه بعض أهل الترجيح يجوز تقليده للعمل فقط، سواء كان المقلد أهلا للنظر والترجيح أم لا.
وإن لم يرجح فيمتنع تقليده على الاهل لا على غيره، وإذا كان الوجهان والطريقان لاثنين، ولم يرجح أحدهما ثالث يجوز تقليد كل منهما في الافتاء والقضاء أيضا إذا لم يكن المقلد أهلا، ويجوز لعمل نفسه فقط إذا كان التقليد من المتأهل، لتضمن ذلك ترجيح كل منهما من قائله الاهل، وإن رجح أحدهما ثالث، فالفتوى بالراجح لتقويته بالترجيحين - سواء كان المفتي أهلا أم لا - والمرجوح منهما يجوز تقليده لعمل النفس فقط، ولو من المتأهل للتضمن المذكور.
هذا هو الحق الصريح الذي لا محيد عنه، لانه المنقول والمعتمد عند جمهور المتأخرين.
اه.
من تذكرة الاخوان المشتملة على مصطلحات التحفة وغيرها.
(قوله: أن يعتمد أحدهما) أي الوجهين أو القولين، وأن وما بعدها في تأويل مصدر اسم ليس.
(قوله: بلا نظر فيه) أي بلا تأمل وتفكر في ذلك الأحد الذي يريد أن يعتمده.
(قوله: بلا خلاف) أي ليس له ذلك بلا خلاف، وقد علمت أن
محله إذا كان أهلا للنظر والترجيح.
(قوله: بل يبحث عن أرجحهما) أي الوجهين أو القولين.
(قوله: بنحو تأخره) متعلق بأرجحهما، وهو بيان المقتضي للارجحية، فتأخر أحد القولين أو الوجهين أو قوة دليله أو نحو ذلك يقتضي الارجحية.
(قوله: وإن كانا) أي القولان أو الوجهان لمتبحر واحد، وهو غاية لكونه يبحث عن الارجح بما ذكر (قوله: ويجوز تحكيم اثنين) أي غير حد وتعزير لله تعالى، أما هما فلا يجوز فيهما التحكيم.
إذ لا طالب لهما معين.
(قوله: ولو من غير خصومة) غاية في جواز التحكيم: أي يجوز مطلقا سواء كان في خصومة، كأن حكم خصمان ثالثا، أو في غير خصومة، كأن حكم اثنان في نكاح ثالثا.
(قوله: كما في النكاح) أي لفاقدة ولي خاص بنسب أو معتق، وهو تمثيل للتحكيم في غير الخصومة.
(قوله: رجلا) مفعول تحكيم المضاف إلى فاعله.
(قوله: أهلا لقضاء) صفة لرجلا.
(قوله: أي من له أهلية القضاء المختلفة) تفسير للمراد من الاهل للقضاء، وتقدم ضابط من له أهلية ما ذكر، وهو من له قدرة على استنباط الاحكام من الكتاب والسنة والقياس والاجماع.
(قوله: لا في خصوص تلك الواقعة) أي ليس المراد به من كان أهلا للقضاء في تلك المسألة الحادثة فقط (قوله: خلافا لجمع) أي قالوا بأن الشرط وجود الاهلية في خصوص تلك الواقعة لا مطلقا.
(قوله: ولو مع وجود قاض أهل) غاية في جواز تحكيم رجل أهل: أي يجوز تحكيم الاهل، ولو مع وجود قاض أهل في تلك البلدة.
(قوله: خلافا للروضة) أي القائلة بعدم جواز التحكيم مع وجوده.
(قوله: أما غير الاهل) مفهوم قوله أهلا.
(قوله: أي مع وجود الاهل) أنظر ما المراد بالاهل: هل هو خصوص القاضي، أو ما يعمه وغيره؟ والظاهر أن المراد الاول، وإلا بأن كان المراد الثاني نافته الغاية بعد: أعني قوله وإن كان ثم مجتهد.
(قوله: وإلا مجاز) أي وإن لم يوجد قاض أهل على ما مر، بأن لم يوجد قاض أصلا، أو وجد لكنه غير أهل، جاز تحكيم غير الاهل، وهو ضعيف، كما يفيده الاستدراك بعد.
(قوله: ولو في النكاح) أي ولو كان التحكيم في النكاح فإنه يجوز.
(قوله: وإن كان ثم مجتهد) أي غير قاض.
(قوله: كما جزم به) أي بما ذكر من عدم جواز تحكيم غير الاهل مع وجود الاهل، وجواز تحكيمه مع عدم