ومرتكب ذنب عظيم لم يتب منه ومبتدع إلا لعذر أو خوف مفسدة ولا على مصل وساجد ومؤذن ومقيم وخطيب ومستمعه ولا رد عليهم إلا مستمع الخطيب فإنه يجب عليه ذلك بل يكره الرد لقاضي الحاجة والجامع والمستنجي ويسن للآكل وإن كانت اللقمة بفيه.
نعم: يسن السلام عليه بعد البلع وقبل وضع اللقمة بفيه، ويلزمه الرد ويسن الرد لمن في الحمام وملب باللفظ ولمصل ومؤذن ومقيم بالاشارة، وإلا فبعد الفراغ أي إن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الظلمة، بأن دخل عليهم وخاف ترتب مفسدة على دينه أو دنياه أو غيرهما، إن لم يسلم عليهم.
قال الإمام أبو بكر بن العربي: قال العلماء يسلم وينوي أن السلام من أسماء الله تعالى: المعنى الله عليكم رقيب.
اه.
(قوله: بل يسن تركه) أي ترك السلام فيثاب عليه.
(وقوله: على مجاهر بفسقه) حال من ضمير تركه، أو متعلق بنفس الضمير، بناء على القول بجواز ذلك إذا عاد على ما يجوز التعلق به.
(قوله: ومرتكب ذنب عظيم) الذي يظهر أنه معطوف على مجاهر، ومثله ما بعده.
ثم رأيت العلامة الرشيدي صرح به مستدلا بعبارة التحفة المماثلة لعبارة شارحنا.
فتحصل أن هؤلاء لا يسن إبتداء السلام عليهم.
ويسن تركه بحيث يثاب عليه، وما عداهم من مرتكب ذنب غير عظيم، وهو مخف لا يسن السلام عليه فقط، وأما تركه فليس بسنة، بل هو مباح.
(قوله: إلا لعذر) يحتمل إرتباطه بقوله ولا على فاسق، ويحتمل إرتباطه بقوله بل يسن تركه.
قال ع ش: ومن العذر خوفه أن يقطع نفقته.
(قوله: أو خوف مفسدة) عطف على عذر من عطف الخاص على العام.
إذ العذر شامل لخوف المفسدة.
(قوله: ولا على مصل إلخ) أي ولا يندب السلام على مصل الخ.
والحاصل، ضابط من لا يندب السلام عليه كل شخص مشغول بحالة لا يليق بالمروءة القرب منه فيها.
كذا في شرح الروض.
(قوله: ولا رد عليهم) أي ولا رد واجب عليهم: أي على قاضي الحاجة ومن بعده، لان من لا يستحب السلام عليه لا يلزمه رده لو سلم عليه، إلا ما استثني.
(قوله: إلا مستمع الخطيب) أي إذا سلم عليه.
(وقوله: فانه يجب عليه ذلك) أي الرد.
أي مع أن السلام عليه مكروه، وقيل لا يجب عليه الرد، لتقصير المسلم عليه.
وعبارة المغني: وإذا سلم على حاضر الخطبة وقلنا بالجديد لا يحرم عليهم الكلام، ففي الرد ثلاثة أوجه: أصحها عند البغوي وجوب الرد، وصححه البلقيني، والثاني استحبابه، والثالث جوازه.
اه.
(قوله: بل يكره الرد لقاضي الحاجة إلخ) أي لأنه يسن لهم عدم الكلام مطلقا.
(قوله: ويسن) أي الرد للآكل المتقدم، وهو الذي سلم عليه واللقمة بفمه.
(وقوله: وإن كانت اللقمة بفيه) أي يسن للآكل المذكور الرد سواء كانت اللقمة باقية بفمه أو لا.
(قوله: نعم: يسن إلخ) استثناء من الآكل، وهو في الحقيقة مفهوم التقييد بقوله سابقا في فمه اللقمة، فإنه يفهم منه أنه إذا لم تكن في فمه يندب السلام عليه، وإذا ندب وجب رده.
وعبارة المغني: واستثنى الامام من الآكل، ما إذا سلم عليه بعد الابتلاع.
وقبل وضع لقمة أخرى، فيسن السلام عليه، ويجب عليه الرد، وكذا من في محل نزع الثياب في الحمام - كما جرى عليه الزركشي وغيره - اه.
(قوله: ويسن الرد لمن في الحمام) الاخصر حذف قوله: ويسن الرد.
ويكون قوله ولمن الخ معطوفا على للآكل وهو
الاولى أيضا، ليكون قوله باللفظ مرتبطا برد الآكل أيضا.
(قوله: وملب) أي ويسن الرد لملب.
قال النووي: والملبي يكره أن يسلم عليه، لانه يكره له قطع التلبية، فإن سلم عليه، رد السلام باللفظ.
نص عليه الشافعي وأصحابنا.
اه.
(قوله: ولمصل إلخ) أي ويسن الرد لمن سلم عليه وهو في الصلاة أو الأذان أو الإقامة بالاشارة بالرأس أو باليد أو بغير ذلك.
قال النووي في الاذكار: وأما المصلي فيحرم عليه أن يقول وعليكم السلام، فإن فعل ذلك بطلت صلاته إن كان عالما بتحريمه، وإن كان جاهلا لم تبطل على أصح الوجهين عندنا، وإن قال عليه السلام - بلفظ الغيبة - لم تبطل صلاته، لانه دعاء ليس بخطاب، والمستحب أن يرد عليه في الصلاة بالاشارة، ولا يتلفظ بشئ، وإن رد بعد الفراغ من الصلاة فلا بأس.
وأما المؤذن فلا يكره له رد الجواب بلفظه المعتاد، لان ذلك يسير لا يبطل الاذان ولا يخل به.
اه.
وما جرى عليه الشارح في الاذان من رده بالإشارة، وإلا فبعد الفراغ خلاف ما ذكر.
(قوله: بالاشارة) متعلق بما تعلق به.