ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب الجهاد
أي باب في بيان أحكام الجهاد: أي القتال في سبيل الله مأخوذ من المجاهدة، وهي المقاتلة في سبيل الله.
واعلم، أنه ورد في الجهاد من الآيات والاخبار ما يطول ذكره ويتعذر حصره، فمن الأول قوله تعالى: * (كتب عليكم القتال وهو كره لكم) * وقوله تعالى: * (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) * وقوله تعالى: * (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد) * وقوله تعالى: * (أذن الذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير) * وقوله تعالى: * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون) * الآية.
ومن الثاني قوله - صلى الله عليه وسلم -: جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم وقوله عليه السلام: اغزوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله، فواق نافة وجبت له الجنة.
والفواق ما بين الحلبتين، وقوله عليه السلام: أن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض وقوله عليه السلام: ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار.
وقوله عليه السلام: لا يلج النار رجل بكى من خشية الله تعالى، حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري مسلم أبدا.
وقوله عليه السلام: من رمى بسهم في سبيل الله كان له كعدل محرر وقوله عليه السلام: من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا بوعده، فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة.
يعني حسنات.
وقد ورد في فضل الشهادة أيضا شئ كثير: فمن ذلك قوله تعالى: * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون.
فرحين بما آتاهم الله من فضله) * وقوله تعالى: * (والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم.
سيهديهم ويصلح بالهم.
ويدخلهم الجنة عرفها لهم) * وقوله - صلى الله عليه وسلم -: إن للشهيد عند الله سبع خصال: أن يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلى حلية الايمان، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار: الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه.
واعلم، أنه ينبغي لكل مسلم أن ينوي الجهاد في سبيل الله، ويحدث نفسه به حتى يسلم من الوعيد الوارد في ترك ذلك، وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شبهة من النفاق وينبغي الاكثار من سؤال الشهادة.
قال عليه الصلاة والسلام: من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه.
نسأل الله العظيم أن يمن علينا بالشهادة وبالحسنى وزيادة.