وتأخيرها عن أوله لتيقن جماعة أثناءه، وإن فحش التأخير ما لم يضق الوقت، ولظنها إذا لم يفحش عرفا، لا لشك فيها مطلقا.

والجماعة القليلة أول الوقت أفضل من الكثيرة آخره.

ويؤخر المحرم صلاة العشاء - وجوبا - لاجل خوف فوات حج بفوت الوقوف بعرفة لو صلاها متمكنا، لان قضاءه صعب.

والصلاة تؤخر لانها أسهل من مشقته، ولا يصليها صلاة شدة الخوف.

ويؤخر أيضا - وجوبا - من رأى نحو غريق أو أسير لو أنقذه خرج الوقت.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

* (فاستبقوا الخيرات) * قال البيضاوي: أي فابتدروها انتهازا للفرصة، وحيازة لفضل السبق المتقدم، ولقوله تعالى: * (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) * والصلاة من الخيرات وسبب المغفرة.

ولخبر ابن مسعود رضي الله عنه: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لأول وقتها.

وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: الصلاة في أول الوقت رضوان الله، وفي آخره عفو الله.

قال إمامنا: رضوان الله إنما يكون للمحسنين، والعفو يشبه أن يكون للمقصرين.

قال في التحفة: ويحصل - أي التعجيل - باشتغاله بأسبابه عقب دخوله، ولا يكلف العجلة على خلاف العادة، ويغتفر له مع ذلك نحو شغل خفيف وكلام قصير وأكل لقم توفر خشوعه، وتقديم سنة راتبة.

بل لو قدمها - أعني الأسباب - قبل الوقت وأخر بقدرها من أوله حصل سنة التعجيل، على ما في الذخائر.

اه.

(قوله: ولو عشاء) الغاية للرد على القائل بسن تأخيرها، متمسكا بخبر الصحيصحين: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستحب أن يؤخر العشاء.

وأجيب عنه بأن تعجيلها هو الذي واظب عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما التأخير فكان لعذر ومصلحة تقتضي التأخير.

(قوله: لأول وقتها) متعلق

بتعجيل.

(قوله: وتأخيرها عن أوله إلخ) أي ويندب تأخيرها عن أول الوقت لما ذكر، أي ولرمي الجمار ولمسافر سائر وقت الأولى، ولمن تيقن وجود الماء أو السترة آخر الوقت، ولدائم الحدث إذا رجا الانقطاع، ولمن اشتبه عليه الوقت في يوم غيم حتى يتيقنه أو يظن فواتها لو أخرها.

والحاصل محل استحباب التعجيل ما لم يعارضه معارض، فإن عارضه - وذلك في نحو أربعين صورة - فلا يكون مطلوبا.

(قوله: أثناءه) أي الوقت.

(قوله: وإن فحش التأخير) غاية للندب.

(قوله: ما لم يضق الوقت) قيد في ندب التأخير، أي محل ندبه مدة عدم ضيق الوقت، فإن ضاق بأن بقي منه ما لا يسع الصلاة كاملة فلا يندب بل يحرم.

(قوله: ولظنها) معطوف على قوله: لتيقن.

أي ويندب تأخيرها لظن الجماعة.

وقوله: إذا لم يفحش أي التأخير، فإن فحش لا يندب.

(قوله: لا لشك فيها) أي لا يندب تأخيرها عند الشك في الجماعة مطلقا، أي سواء فحش التأخير أو لا، (قوله: ويؤخر المحرم) أي بالحج، كما يدل عليه السياق.

أما المحرم بالعمرة فلا يؤخر الصلاة لها لأنها لا تفوت.

نعم، إن نذرها في وقت معين كانت كالحج فيؤخر الصلاة لها عند خوف فوتها عند م ر، تبعا لوالده.

وجرى ابن حجر على عدم الفرق بين المنذورة وغيرها، وفرق بين الحج والعمرة بأن الحج يفوت بفوات عرفة والعمرة لا تفوت بفوات ذلك الوقت.

(قوله: لو صلاها متمكنا) أي على الهيئة المعتادة، بأن تكون تامة الأركان والشروط.

وسيذكر مقابله.

(قوله، لأن قضاءه) أي الحج وهو علة لوجوب تأخير الصلاة، أي وتقديم الحج.

(قوله: والصلاة تؤخر الخ) الأولى والأخصر أن يقول: بخلاف الصلاة فإن قضاءها هين.

وعبارة النهاية: وعلى الأول - أي على الأصح - يؤخر وقت الصلاة وجوبا.

ويحصل الوقوف كما صوبه المصنف، خلافا للرافعي، لأن قضاء الحج صعب وقضاء الصلاة هين، وقد عهد تأخيرها بما هو أسهل من مشقة الحج، كتأخيرها للجمع.

(قوله: ولا يصليها صلاة شدة الخوف) هي أن يصليها كيف أمكن، راكبا وماشيا ومستقبلا وغير مستقبل.

وعبارة المنهاج مع شرح الرملي: والأصح منعه - أي هذا النوع، وهو صلاة شدة الخوف - لمحرم خاف فوت الحج، أي لو قصد المحرم عرفات ليلا وبقي من وقت الحج مقدار إن صلاها فيه على الأرض فاته الوقوف، وإن سار فيه إلى عرفات فاتته العشاء، لم يجز له أن يصلي صلاة الخوف.

اه.

(قوله: ويؤخر) أي الصلاة مطلقا، عشاء كانت أو غيرها.

وعبارة النهاية: وألحق بعضهم بالمحرم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015